أمر تعالى بمباينة الكفار، وإن كانوا آباء أو أبناء، ونهى عن موالاتهم إن استحبوا أي اختاروا الكفر على الإيمان، وتوعد على ذلك، كقوله تعالى :﴿ لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بالله واليوم الآخر يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ الله وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانوا آبَآءَهُمْ أَوْ أَبْنَآءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ﴾ [ المجادلة : ٢٢ ]، ثم أمر تعالى رسوله أن يتوعد من آثر أهله وقرابته وعشيرته على الله ورسوله وجهاد في سبيله فقال :﴿ قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقترفتموها ﴾ أي اكتسبتموها وحصلتموها ﴿ وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَآ ﴾ أي تحبونها وحسنها أي إن كانت هذه الأشياء ﴿ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِّنَ الله وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ ﴾ أي فانتظروا ماذا يحل بكم من عقابه ونكاله بكم ولهذا قال :﴿ حتى يَأْتِيَ الله بِأَمْرِهِ والله لاَ يَهْدِي القوم الفاسقين ﴾. وروى الإمام أحمد عن زهرة بن معبد عن جده قال :« كنا مع رسول الله ﷺ وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب فقال : والله يا رسول الله لأنت أحب إليَّ من كل شيء إلا من نفسي، فقال رسول الله ﷺ :» لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه «، فقال عمر : فأنت الآن والله أحب إليّ من نفسي، فقال رسول الله ﷺ :» الآن يا عمر « وقد ثبت في » الصحيح « عنه ﷺ أنه قال :» والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين « وعن ابن عمر قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول :» إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم بأذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم «.


الصفحة التالية
Icon