يقول تعالى : يريد هؤلاء الكفار من المشركين وأهل الكتاب ﴿ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ الله ﴾ : أي ما بعث به رسول الله ﷺ من الهدى ودين الحق بمجرد جدالهم وافترائهم، فمثلهم في ذلك كمثل من يريد أن يطفئ شعاع الشمس أو نور القمر بنفخه، وهذا لا سبيل إليه فكذلك ما أرسل به رسول الله ﷺ لا بد أن يتم ويظهر، ولهذا قال تعالى مقابلاً لهم فيما راموه وأرادوه :﴿ ويأبى الله إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الكافرون ﴾ والكافر هو الذي يستر الشيء ويغطيه، ثم قال تعالى :﴿ هُوَ الذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بالهدى وَدِينِ الحق ﴾ فالهدى هو ما جاء به من الإخبارات الصادقة والإيمان الصحيح والعلم النافع ( ودين الحق ) هو الأعمال الصحيحة النافعة في الدنيا والآخرة ﴿ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدين كُلِّهِ ﴾ : أي على سائر الأديان، كما ثبت في « الصحيح » عن رسول الله ﷺ أنه قال :« إن الله زوي لي الأرض مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها » وعن تميم الدارمي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول :« ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله ببيت مدر ولا وبر إلا أدخله هذا الدين يعز عزيزاً ويذل ذليلاً، عزاً يعز الله به الإسلام، وذلاً يذل الله به الكفر »، فكان تميم الدارمي يقول : قد عرفت ذلك في أهل بيتي لقد أصاب من أسلم منهم الخير والشرف والعز، ولقد أصاب من كان كافراً منهم الذل والصغار والجزية وفي « المسند » أيضاً « عن عدي بن حاتم قال : دخلت على رسول الله ﷺ فقال :» ما عدي أسلم تسلم « فقلت : إني من أهل دين، قال :» أنا أعلم بدينك منك «، فقلت أنت أعلم بديني مني؟ قال :» نعم ألست من الركوسية وأنت تأكل مر باع قومك؟ « قلت بلى! قال : فإن هذا لا يحل لك في دينك » قال : فلم يعد أن قالها فتواضعت لها، قال : أما إني أعلم ما الذي يمنعك من الإسلام، تقول إنما تبعه ضعفة الناس ومن لا قوة له، وقد رمتهم العرب، أتعرف الحيرة «؟ قلت : لم أرها وقد سمعت بها. قال :» فوالذي نفسي بيده ليتمن الله هذا الأمر حتى تخرج الظعينة من الحيرة حتى تطوف بالبيت من غير جوار أحد، ولتفتحن كنوز كسرى بن هرمز « قلت كسرى بن هرمز؟ قال : نعم كسرى بن هرمز، وليبذلن المال حتى لا يقبله أحد » قال عدي بن حاتم : فهذه الظعينة تخرج من الحيرة فتطوف بالبيت من غير جوار أحد، ولقد كنت فيمن فتح كنوز كسرى بن هرمز، والذي نفسي بيده لتكونن الثالثة، لأن رسول الله ﷺ قد قالها «


الصفحة التالية
Icon