« يا رسول الله أي المال نتخذ؟ قال :» قلباً شاكراً ولساناً ذاكراً وزوجة تعين أحدكم على أمر الآخرة « ( حديث آخر ) : روي ابن أبي حاتم، عن ابن عباس قال :» لما نزلت هذه الآية :﴿ والذين يَكْنِزُونَ الذهب والفضة ﴾ الآية، كبر ذلك على المسلمين وقالوا : ما يستطيع أحد منا يدع لولده مالاً يبقى بعده، فقال عمر : أنا أفرّج عنكم، فانطلق عمر واتبعه فأتى النبي ﷺ فقال : يا نبي الله إنه قد كبر على أصحابك هذه الآية، فقال رسول الله ﷺ :« إن الله لم يفرض الزكاة إلا ليطيب بها ما بقي من أموالكم، وإنما فرض المواريث من أموال تبقى بعدكم »، قال فكبر عمر، ثم قال له النبي ﷺ :« ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة التي إذا نظر إليها سرته، وإذا أمرها أطاعته، وإذا غاب عنها حفظته » «.
وقوله تعالى :﴿ يَوْمَ يحمى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فتكوى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هذا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ ﴾ أي يقال لهم هذا الكلام تبكيتاً وتقريعاً وتهكماً، كما في قوله تعالى :﴿ ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ العزيز الكريم ﴾ [ الدخان : ٤٩ ] أي هذا بذاك وهذا الذي كنتم تكنزون لأنفسكم، ولهذا يقال من أحب شيئاً وقدمه على طاعة الله عُذّب به، وهؤلاء لما كان جمع هذه الأموال آثر عندهم من رضا الله عنهم عذبوا بها، وكانت أضر الأشياء عليهم في الدار الآخرة، فيحمى عليها في نار جهنم، وناهيك بحرها، فتكون بها جباههم وجنوبهم وظهورهم، قال عبد الله بن مسعود : والذي لا إله غيره لا يكون عبد يكنز فيمس دينار ديناراً ولا درهم درهماً، ولكن يوسع جلده فيوضع كل دينار ودرهم على حدته؛ وقال طاووس : بلغني أن الكنز يتحول يوم القيامة شجاعاً يتبع صاحبه وهو يفر منه ويقول : أنا كنزك لا يدرك منه شيئاً إلا أخذه. وفي »
صحيح مسلم « عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال :» ما من رجل لا يؤدي زكاة ماله إلا جعل له يوم القيامة صفائح من نار، فيكون بها جنبه وجبهته وظهره، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد ثم يرى سبيله، إما إلى الجنة وإما إلى النار «.


الصفحة التالية
Icon