قال عون : هل سمعتم بمعاتبة أحسن من هذا؟ ناداه العفو قبل المعاتبة، فقال :﴿ عَفَا الله عَنكَ لِمَ أَذِنتَ ﴾، وقال قتادة : عاتبه كما تسمعون، ثم أنزل التي في سورة النور، فرخص له في أن يأذن لهم إن شاء، فقال :﴿ فَإِذَا استأذنوك لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ ﴾ [ النور : ٦٢ ] الآية. وقال مجاهد : نزلت هذه الآية في أناس قالوا : استأذنوا رسول الله ﷺ فإن أذن لكم فاقعدوا، وإن لم يأذن لكم فاقعدوا، ولهذا قال تعالى :﴿ حتى يَتَبَيَّنَ لَكَ الذين صَدَقُواْ ﴾ أي في إبداء الأعذار ﴿ وَتَعْلَمَ الكاذبين ﴾ يقول تعالى : تعالى : لا تركتهم لما استأذنوك فلم تأذن لأحد منهم في القعود، لتعلم الصادق منهم في إظهار طاعتك من الكاذب، فإنهم قد كانوا مصرين على القعود عن الغزو وإن لم تأذن لهم فيه، ولهذا أخبر تعالى أنه لا يستأذنه في القعود عن الغزو أحد يؤمن بالله ورسوله فقال ﴿ لاَ يَسْتَأْذِنُكَ ﴾ أي في القعود عن الغزو ﴿ الذين يُؤْمِنُونَ بالله واليوم الآخر أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ ﴾ لأنهم يرون الجهاد قربة ولما ندبهم إليهم بادروا وامتثلوا ﴿ والله عَلِيمٌ بالمتقين * إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ ﴾ أي في القعود ممن لا عذر له ﴿ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالله واليوم الآخر ﴾ أي لا يرجون ثواب الله في الدار الآخرة على أعمالهم، ﴿ وارتابت قُلُوبُهُمْ ﴾ أي شكت في صحة ما جئتهم به، ﴿ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ ﴾ أي يتحيرون يقدمون رجلاً ويؤخرون أخرى وليست لهم قدم ثابتة في شيء، فهم قوم حيارى هلكى، لا إلى هؤلاء، ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا.


الصفحة التالية
Icon