« قال رجل من المنافقين : ما أرى قراءنا هؤلاء إلا أرغبنا بطوناً، وأكذبنا ألسنة، وأجبننا عند اللقاء، فرفع ذلك إلى رسول الله ﷺ، فجاء إلى رسول الله ﷺ وقد ارتحل وركب ناقته، فقال : يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب، فقال :﴿ أبالله وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ ﴾ إلى قوله :﴿ كَانُواْ مُجْرِمِينَ ﴾ وإن رجليه لتسفعان الحجارة وما يلتفت إليه رسول الله ﷺ وهو متعلق بسيف رسول الله ﷺ » وقال ابن إسحاق :« كان جماعة من المنافقين منهم ( وديعة بن ثابت ) ورجل من أشجع يقال له ( مخشى بن حمير ) يسيرون مع رسول الله ﷺ، وهو منطلق إلى تبوك، فقال بعضهم لبعض : أتحسبون جلاد بني الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضاً، والله لكأنا بكم غداً مقرنين في الحبال، إرجافاً وترهيباً للمؤمنين، فقال رسول الله ﷺ لعمار بن ياسر :» أدرك القوم فإنهم قد احترقوا فاسألهم عما قالوا، فإن أنكروا فقل بلى قلتم كذا وكذا « فانطلق إليهم عمار فقال لهم ذلك، فأتوا رسول الله ﷺ يعتذرون إليه، فقال وديعة بن ثابت يا رسول الله : إنما كنا نخوض ونلعب، فقال مخشى بن حمير : يا رسول الله قعد بي اسمي واسم أبي »، فكان الذي عُفي عنه في هذه الآية ( مخشى بن حمير ) فتسمى عبد الرحمن، وسأل الله أن يقتل شهيداً لا يعلم بمكانه، فقتل يوم اليمامة. وقال قتادة :« بينما النبي ﷺ في غزوة تبوك وركبٌ من المنافقين يسيرون بين يديه فقالوا : يظن هذا أن يفتح قصور الروم وحصونها؟ هيهات هيهات، فأطلع الله نبيه ﷺ على ما قالوا، فقال :» عليَّ بهؤلاء النفر « فدعاهم فقال :» قلتم كذا وكذا «، فحلفوا ما كنا إلا نخوض ونلعب » وقوله :﴿ لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ﴾ أي بهذا المقال الذي استهزأتم به، ﴿ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنْكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً ﴾ أي لا يعفى عن جميعكم ولا بد من عذاب بعضكم ﴿ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ ﴾ أي مجرمين بهذه المقالة الفاجرة الخاطئة.


الصفحة التالية
Icon