وهذا إبطال لدعواهم فيما أشركوا بالله غيره، وعبدوا من الأصنام والأنداد، ﴿ قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ ﴾ أي من بدأ خلق هذه السماوات والأرض، ثم ينشئ ما فيهما من الخلائق، ويفرّق أجرام السماوات والأرض ويبدلهما بفناء ما فيهما ثم يعيد الخلق خلقاً جديداً ﴿ قُلِ الله ﴾ هو الذي يفعل هذا ويستقل به وحده لا شريك له، ﴿ فأنى تُؤْفَكُونَ ﴾ أي فكيف تصرفون عن طريق الرشد إلى الباطل، ﴿ قُلْ هَلْ مِن شُرَكَآئِكُمْ مَّن يهدي إِلَى الحق قُلِ الله يَهْدِي لِلْحَقِّ ﴾ ؟ أي أنتم تعلمون أن شركاءكم لا تقدر على هداية ضال، وإنما يهدي الحيارى والضُلاَّل، ويقلّب القلوب من الغيّ إلى الرشد الله رب العالمين، ﴿ أَفَمَن يهدي إِلَى الحق أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يهدي إِلاَّ أَن يهدى ﴾ أي أفيتبع العبد الذي يهدي إلى الحق ويبصر بعد العمى، أم الذي لا يهدي إلى شيء إلا أن يهدى لعماه وبكمه، كما قال تعالى إخباراً عن إبراهيم أنه قال :﴿ ياأبت لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يُبْصِرُ وَلاَ يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً ﴾ [ مريم : ٤٢ ].
وقوله تعالى :﴿ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ﴾ أي فما بالكم يذهب بعقولكم، كيف سويتم بين الله وبين خلقه، وعدلتم هذا بهذا وعبدتم هذا وهذا؟ وهلا أفردتم الرب جلّ جلاله بالعبادة وحده، وأخلصتم إليه الدعوة والإنابة؟ ثم بين تعالى أنهم لا يتبعون في دينهم هذا دليلاً ولا برهاناً، وإنما هو ظنٌ منهم أي توهم وتخيل، وذلك لا يغني عنهم شيئاً، ﴿ إِنَّ الله عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ﴾ تهديد لهم ووعيد شديد لأنه تعالى أخبر أنه سيجازيهم على ذلك أتم الجزاء.


الصفحة التالية
Icon