يقول تعالى مخبراً في كفر هؤلاء المشركين في استعجالهم العذاب، وسؤالهم عن وقته قبل التعيين، مما لا فائدة لهم فيه، كقوله :﴿ يَسْتَعْجِلُ بِهَا الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا والذين آمَنُواْ مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الحق ﴾ [ الشورى : ١٨ ] أي كائنة لا محالة وواقعة وإن لم يعلموا وقتها عيناً، ولهذا أرشد تعالى رسوله ﷺ إلى جوابهم فقال :﴿ قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً ﴾ الآية، أي لا أقول إلا ما علمني، ولا أقدر على شيء مما استأثر به، إلا أن يطلعني الله عليه، فأنا عبده ورسوله إليكم، وقد أخبرتكم بمجيء الساعة وأنها كائنة، ولم يطلعني على وقتها، ولكن ﴿ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ﴾ أي لكل قرن مدة من العمر مقدرة فإذا انقضى أجلهم ﴿ فَلاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ ﴾، كقوله :﴿ وَلَن يُؤَخِّرَ الله نَفْساً إِذَا جَآءَ أَجَلُهَآ ﴾ [ المنافقون : ١١ ] الآية، ثم أخبر أن عذاب الله سيأتيهم بغتة، فقال :﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتاً أَوْ نَهَاراً ﴾ ؟ أي ليلاً أو نهاراً، ﴿ مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ المجرمون * أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ الآنَ وَقَدْ كُنتُم بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ﴾ يعني أنهم إذا جاءهم العذاب قالوا :﴿ رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا ﴾ [ السجدة : ١٢ ] الآية، ﴿ فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا ﴾ [ غافر : ٨٥ ]، وقوله :﴿ ثُمَّ قِيلَ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ ذُوقُواْ عَذَابَ الخلد ﴾ أي يوم القيامة يقال لهم هذا تبكيتاً وتقريعاً كقوله :﴿ اصلوها فاصبروا أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [ الطور : ١٦ ].


الصفحة التالية
Icon