يخبر تعالى أنه لما أغرق أهل الأرض لكهم إلا أصحاب السفينة، أمر الأرض أن تبلع ماءها الذي نبع منها واجتمع عليها، وأمر السماء أن تقعل عن المطر ﴿ وَغِيضَ المآء ﴾، أي شرع في النقص، ﴿ وَقُضِيَ الأمر ﴾ أي فرغ من أهل الأرض قاطبة ممن كفر بالله لم يبق منهم ديار، ﴿ واستوت ﴾ السفينة بمن فيها ﴿ عَلَى الجودي ﴾ قال مجاهد : وهو جبل بالجزيرة أرست عليه سفينة نوح عليه السلام، وقال قتادة : استوت عليه شهراً حتى نزلوا منها وأبقى الله السفينة على الجودي عبرة وآية، حتى رآها أوائل هذه الأمة، وكم من سفينة قد كانت بعدها فهلكت وصارت رماداً، وقال الضحاك : الجودي جبل بالموصل، وقال بعضهم : هو الطور، وقال كعب الأحبار : إن السفينة طافت ما بين المشرق والمغرب قبل أن تستقر على الجودي، وقال قتادة وغيره : ركبوا في عاشر شهر رجب فساروا مائة وخمسين يوماً، واستقرت بهم على الجودي شهراً، وكان خروجهم من السفينة في يوم عاشوراء من المحرم، وقد ورد نحو هذا في حديث مرفوع رواه ابن جرير، وأنهم صاموا يومهم ذلك، والله أعلم، وقوله :﴿ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظالمين ﴾ أي هلاكاً وخساراً لهم وبعداً من رحمة الله، فإنهم قد هلكوا عن آخرهم فلم يبق لهم بقية، وقد روى ابن جرير عن عائشة زوج النبي ﷺ، أن النبي ﷺ قال :« لو رحم الله من قوم نوح أحداً لرحم أم الصبي ».


الصفحة التالية
Icon