يقول تعالى مخبراً عن نبيّه لوط عليه السلام إن لوطاً توعدهم بقوله :﴿ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً ﴾ الآية، أي لكنت بكم وفعلت بكم الأفاعيل بنفسي وعشيرتي، ولهذا ورد في الحديث :« رحمة الله على لوط لقد كان يأوي إلى ركن شديد - يعني الله عزّ وجلّ - فما بعث الله بعده من نبي إلا في ثروة من قومه »، فعند ذلك أخبرته الملائكة أنهم رسل الله إليه، وأنهم لا وصول لهم إليه، ﴿ قَالُواْ يالوط إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يصلوا إِلَيْكَ ﴾ وأمروه أن يسري بأهله من آخر الليل وأن يتبع أدبارهم، أي يكون ساقة لأهله، ﴿ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ ﴾ أي إذا سمعت ما نزل بهم ولا تهولنكم تلك الأصوات المزعجة، وقوله :﴿ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امرأتك ﴾ ذكروا أنها خرجت معهم وأنها لما سمعت الوجبة التفتت وقالت : واقوماه، فجاءها حجر من السماء فقتلها، ثم قربوا له هلاك قومه تبشيراً له لأنه قال لهم : أهلكوهم الساعة، فقالوا :﴿ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصبح أَلَيْسَ الصبح بِقَرِيبٍ ﴾ ؟ هذا وقوم لوط وقوف على الباب وعكوف، قد جاءوا يهرعون إليه من كل جانب، ولوط واقف على الباب يدافعهم ويردعهم وينهاهم عما هم فيه، وهم لا يقبلون منه، بل يتوعدونه ويتهددونه، فعند ذلك خرج عليهم جبريل عليه السلام، فضرب وجوههم بجناحه فطمس أعينهم، فرجعوا وهم لا يهتدون الطريق؛ كما قال تعالى :﴿ وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَآ أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُواْ عَذَابِي وَنُذُرِ ﴾ [ القمر : ٣٧ ] الآية.


الصفحة التالية
Icon