يقول تعالى :﴿ وَأَمَّا الذين سُعِدُواْ ﴾ وهم أتباع الرسل ﴿ فَفِي الجنة ﴾ أي فمأواهم الجنة، ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾ أي ماكثين فيها أبداً، ﴿ مَا دَامَتِ السماوات والأرض إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ ﴾ معنى الاستثناء هاهنا أن دوامهم فيما هم فيه من النعيم ليس أمراً واجباً بذاته، بل هو موكول إلى مشيئة الله تعالى، فله المنة عليهم دائماً، وعقّب ذلك بقوله :﴿ عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ﴾ عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ أي غير مقطوع، لئلا يتوهم متوهم بعد ذكره المشيئة ثم انقطاع أو لبس أو شيء، بل حتم له بالدوام وعدم الانقطاع، ﴿ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ ﴾ [ هود : ١٠٧ ]، كقوله :﴿ لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ ﴾ [ الأنبياء : ٢٣ ]، وهنا طيَّب القلوب وثبَّت المقصود بقوله :﴿ عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ ﴾. وقد جاء في « الصحيحين » :« يؤتى بالموت في صورة كبش أملح فيذبح بين الجنة والنار، ثم يقال يا أهل الجنة خلود فلا موت، ويا أهل النار خلود فلا موت »، وفي « الصحيح » أيضاً :« فيقال : يا أهل الجنة إن لكم أن تعيشوا فلا تموتوا أبداً، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبداً، وإن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبداً، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبداً ».


الصفحة التالية
Icon