اختلفت أقوال الناس وعباراتهم في هذا المقام، فقيل : المراد بهمه بها خطرات حديث النفسن حكاه البغوي عن بعض أهل التحقيق، ثم أورد البغوي هاهنا حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال : رسول الله ﷺ :« يقول الله تعالى : إذا همّ عبدي بحسنة فاكتبوها له حسنة، فإن عملها فاكتبوها له بعشر أمثالها »، وقيل : همَّ بضربها، وقيل : تمناها زوجة؛ وقيل : هم بها لولا أن رأى برهان ربه، أي فلم يهم بها، وأما البرهان الذي رآه ففيه أقوال أيضاً، قيل : رأى صورة أبيه يعقوب عاضاً على إصبعه بفمه؛ وقيل : رأى خيال الملك يعني سيده، وقال ابن جرير عن محمد ابن كعب القرظي قال : رفع يوسف رأسه إلى سقف البيت، فإذا كتاب في حائط البيت :﴿ وَلاَ تَقْرَبُواْ الزنى ﴾ [ الإسراء : ٣٢ ] ﴿ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَآءَ سَبِيلاً ﴾ [ النساء : ٢٢ ] ؛ وقيل : ثلاث آيات من كتاب الله :﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ ﴾ [ الانفطار : ١٠ ] الآية، وقوله :﴿ وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ ﴾ [ يونس : ٦١ ] الآية، وقوله :﴿ أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ على كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ﴾ [ الرعد : ٣٣ ]، قال ابن جرير : والصواب أن يقال : إنه أي آية من آيات الله تزجره عما كان همَّ به، وجائز أن يكون صورة يعقوب، وجائز أن يكون صورة الملك، وجائز أن يكون ما رآه مكتوباً من الزجر عن ذلك، ولا حجة قاطعة على تعيين شيء من ذلك، فالصواب أن يطلق، كما قال الله تعالى، وقوله :﴿ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السواء والفحشآء ﴾ أي كما أريناه برهاناً صرفه عما كان فيه كذلك نقيه السوء والفحشاء في جميع أموره، ﴿ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المخلصين ﴾ أي من المجتبين المطهرين المختارين المصطفين الأخيار، صلوات الله وسلامه عليه.