قال قتادة : كان أحدهما ساقي الملك والآخر خبازه، قال السدي : كان سبب حبس الملك إياهما أنه توهم أنهما تمالآ على سمه في طعامه وشرابه، وكان يوسف عليه السلام قد اشتهر في السجن بالجود والأمانة، وصدق الحديث، وكثرة العبادة، ومعرفة التعبير، والإحسان إلى أهل السجن، ولما دخل هذان الفتيان إلى السجن تآلفا به وأحباه حباً شديداًَ، وقالا له : والله لقد أحببناك حباً زائداً. قال : بارك الله فيكما، إنه ما أحبني أحد إلا دخل عليَّ من محبته ضرر، أحبتني عمتي فدخل عليَّ الضرر بسببها، وأحبني أبي فأُوذيت بسببه، وأحبتني امرأة العزيز فكذلك، فقالا : والله ما نستطيع إلا ذلك، ثم إنهما رأيا مناماً، فرأى الساقي أنه يعصر خمراً، يعني عنباً، قال الضحاك في قوله :﴿ إني أراني أَعْصِرُ خَمْراً ﴾ يعني عنباً، قال : وأهل عمان يسمون العنب خمراً، وقال عكرمة : قال له إني رأيت فيما يرى النائم أني غرست حبة من عنب فنبتت، فخرج فيها عناقيد، فعصرتهن ثم سقيتهن الملك فقال : تمكث في السجن ثلاثة أيام ثم تخرج فتسقيه خمراً، وقال الآخر وهو الخباز :﴿ إِنِّي أراني أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطير مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ ﴾ الآية، والمشهور عند الأكثرين ما ذكرناه أنهما رأيا مناماً وطلباً تعبيره، وقال ابن جرير عن عبد الله بن مسعود قال : ما رأى صاحبا يوسف شيئاً إنما كانا تحالما ليجربا عليه.


الصفحة التالية
Icon