يقول تعالى إخباراً عن الملك حين تحقق براءة يوسف عليه السلام ونزاهة عرضه مما نسب إليه قال :﴿ ائتوني بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي ﴾ أي أجعله من خاصتي وأهل مشورتي، ﴿ فَلَمَّا كَلَّمَهُ ﴾ أي خاطبه الملك وعرفه ورأى فضله وبراعته وعلم ما هو عليه من خلق وخلق وكمال قال له الملك :﴿ إِنَّكَ اليوم لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ ﴾ أي إنك عندنا ذا مكانة وأمانة، فقال يوسف عليه السلام :﴿ اجعلني على خَزَآئِنِ الأرض إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ﴾ مدح نفسه، ويجوز للرجل ذلك إذا جُهل أمره للحاجة، وذكر أنه ﴿ حَفِيظٌ ﴾ أي خازن أمين، ﴿ عَلِيمٌ ﴾ ذو علم وبصيرة بما يتولاه، وقال شيبة بن نعامة : حفيظ لما استودعتني، عليم بسني الجدب، وسأل العمل لعلمه بقدرته عليه، ولما فيه من المصالح للناس، وإنما سأله أن يجعله على خزائن الأرض، ليتصرف لهم على الوجه الأحوط والأصلح والأرشد، فأجيب إلى ذلك رغبة فيه وتكرمة له، ولهذا قال تعالى :﴿ وكذلك مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأرض... ﴾.