يقول تعالى :﴿ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ ﴾ أي هؤلاء المكذبون، ﴿ بالسيئة قَبْلَ الحسنة ﴾ أي بالعقوبة، كما أخبر عنهم في قوله :﴿ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بالعذاب ﴾ [ الحج : ٤٧ ] الآية، وقال تعالى :﴿ سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ﴾ [ المعارج : ١ ]، وقال :﴿ يَسْتَعْجِلُ بِهَا الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا ﴾ [ الشورى : ١٨ ]، وقال :﴿ وَقَالُواْ رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا ﴾ [ ص : ١٦ ] الآية، أي عقابنا وحسابنا، فكانوا من شدة تكذيبهم وعنادهم وكفرهم، يطلبون أن يأتيهم بعذاب الله، قال الله تعالى :﴿ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ المثلات ﴾ أي قد أوقعنا نقمنا بالأمم الخالية، وجعلناهم عبرة وعظة لمن اتعظ بهم؛ ثم أخبر تعالى أنه لولا حلمه وعفوه لعاجلهم بالعقوبة كما قال :﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ الله الناس بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ على ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ ﴾ [ فاطر : ٤٥ ]، وقال تعالى في هذه الآية الكريمة :﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ على ظُلْمِهِمْ ﴾ أي إنه تعالى ذو عفو وصفح وستر للناس، مع أنهم يظلمون ويخطئون بالليل والنهار، ثم قرن هذا الحكم بأنه شديد العقاب ليعتدل الرجاء والخوف، كما قال تعالى :﴿ فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ القوم المجرمين ﴾ [ الأنعام : ١٤٦ ]، وقال :﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ العقاب وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [ الأنعام : ١٦٧ ] إلى أمثال ذلك من الآيات التي تجمع الرجاء والخوف، عن سعيد بن المسيب قال : لما نزلت هذه الآية :﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ على ظُلْمِهِمْ ﴾ قال رسول الله ﷺ :« لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ أحداً العيش، ولولا وعيده وعقابه لا تكل كل أحد ».


الصفحة التالية
Icon