يخبر تعالى أنه هو الذي يسخر البرق، وهو ما يرى من النور اللامع ساطعاً من خلل السحاب، ﴿ خَوْفاً وَطَمَعاً ﴾، قال قتادة : خوفاً للمسافر يخالف أذاه ومشقته، وطمعاً للمقيم يرجو بركته ومنفعته ويطمع في رزق الله. ﴿ وَيُنْشِىءُ السحاب الثقال ﴾ أي ويخلقها منشأة جديدة، وهي لكثرة مائها ثقيلة قريبة إلى الأرض، قال مجاهد : السحاب الثقال : الذي فيه الماء، ﴿ وَيُسَبِّحُ الرعد بِحَمْدِهِ ﴾، كقوله :﴿ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ﴾ [ الإسراء : ٤٤ ]، وكان رسول الله ﷺ إذا سمع الرعد والصواعق قال :« اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك » وعن أبي هريرة رفعه، أنه كان إذا سمع الرعد قال :« سبحان من يسبح الرعد بحمده »، وعن عبد الله بن الزبير أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث، وقال : سبحان الذي يسبّح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، ويقول : إن هذا لوعيد شديد لأهل الأرض، وروى الطبراني عن ابن عباس قال : قال رسول الله ﷺ :« إذا سمعتم الرعد فاذكروا الله، فإنه لا يصيب ذاكراً »، وقوله تعالى :﴿ وَيُرْسِلُ الصواعق فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَآءُ ﴾ أي يرسلها نقمة ينتقم بها ممن يشاء، ولهذا تكثر في آخر الزمان؛ كما قال الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال :« تكثر الصواعق عند اقتراب الساعة، حتى يأتي الرجل القوم فيقول : من صعق قبلكم الغداة؟ فيقولون : صعق فلان وفلان وفلان ».
وقد روي في سبب نزولها « أن رسول الله ﷺ بعث رجلاً مرة إلى رجل من فراعنة العرب، فقال :» اذهب فادعه لي «، قال : فذهب إليه فقال : يدعوك رسول الله ﷺ، فقال له : من رسول الله؟ وما الله؟ أمن ذهب هو، أم من فضة هو، أم من نحاس هو؟ قال : فرجع إلى رسول الله ﷺ، فأخبره، فقال : يا رسول الله قد خبرتك أنه أعتى من ذلك، قال لي : كذا وكذا. فقال لي :» ارجع إليه ثانية «، فذهب فقال له مثلها، فرجع إلى رسول الله ﷺ، فقال : يا رسول الله قد أخبرتك أنه أعتى من ذلك؛ فقال :» ارجع إليه فادعه «، فرجع إليه الثالثة قال : فأعاد عليه ذلك الكلام، فبينما هو يكلمه إذ بعث الله عزّ وجلّ سحابة حيال رأسه فرعدت، فوقعت منها صاعقة فذهبت بقحف رأسه، فأنزل الله عزّ وجلّ :﴿ وَيُرْسِلُ الصواعق ﴾ » الآية. وعن مجاهد قال : جاء يهودي فقال : يا محمد أخبرني عن ربك من أي شيء هو؟ من نحاس هو؟ أم من لؤلؤ، أو ياقوت؟ قال : فجاءت صاعقة فأخذته، وأنزل الله.