يقول تعالى :﴿ أَفَمَنْ هُوَ قَآئِمٌ على كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ﴾ أي حفيظ عليم رقيب على كل نفس منفوسة يعلم ما يعمل العاملون من خير وشر ولا يخفى عليه خافية ﴿ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ﴾ [ يونس : ٦١ ]، وقال تعالى :﴿ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا ﴾ [ الأنعام : ٥٩ ]، وقال :﴿ سَوَآءٌ مِّنْكُمْ مَّنْ أَسَرَّ القول وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ باليل وَسَارِبٌ بالنهار ﴾ [ الرعد : ١٠ ]، وقال :﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ والله بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [ الحديد : ٤ ]، أفمن هو كذلك كالأصنام التي يعبدونها لا تسمع ولا تبصر ولا تعقل ولا تكشف ضراً عنها ولا عن عابديها؟ وحذف هذا الجواب اكتفاء بدلالة السياق عليه، وهو قوله :﴿ وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَآءَ ﴾ أي عبدوها معه من أصنام وانداد وأوثان، ﴿ قُلْ سَمُّوهُمْ ﴾ أي أعلمونا بهم واكشفوا عنهم حتى يعرفوا فإنهم لا حقيقة لهم، ولهذا قال :﴿ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي الأرض ﴾ أي لا وجود له، لأنه لو كان لها وجود في الأرض لعلمها، لأنه لا تخفى عليه خافية ﴿ أَم بِظَاهِرٍ مِّنَ القول ﴾، قال مجاهد : بظنِّ من القول، وقال الضحاك وقتادة : بباطل من القول، أي إنما عبدتم هذه الأصنام بظن منكم أنها تنفع وتضر وسميتموها آلهة، ﴿ إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَآءٌ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ الله بِهَا مِن سُلْطَانٍ ﴾ [ النجم : ٢٣ ]، ﴿ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ مَكْرُهُمْ ﴾ قال مجاهد : قولهم أي ما هم عليه من الضلال والدعوة إلأيه آناء الليل وأطراف النهار، كقوله تعالى :﴿ وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَآءَ فَزَيَّنُواْ لَهُم ﴾ [ فصلت : ٢٥ ] أي بما زين لهم من صحة ما هم عليه صدوا به عن سبيل الله، ولهذا قال :﴿ وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾، كما قال :﴿ وَمَن يُرِدِ الله فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ الله شَيْئاً ﴾ [ المائدة : ٤١ ]، وقال :﴿ إِن تَحْرِصْ على هُدَاهُمْ فَإِنَّ الله لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ ﴾ [ النحل : ٣٧ ].


الصفحة التالية
Icon