يقول تعالى :﴿ والذين آتَيْنَاهُمُ الكتاب ﴾ وهم قائمون بمقتضاه ﴿ يَفْرَحُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ ﴾ أي من القرآن لما في كتبهم من الشواهد على صدقه والبشارة، كما قال الله تعالى :﴿ قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تؤمنوا... ﴾ [ الإسراء : ١٠٧ ] إلى قوله ﴿ إِن كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً ﴾ [ الإسراء : ١٠٨ ] أي إن كان ما وعدنا الله به في كتبنا من إرسال محمد ﷺ لحقاً وصدقاً مفعولاً لا محالة، وكائناً وقوله :﴿ وَمِنَ الأحزاب مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ ﴾ أي ومن الطوائف من يكذب بعض ما أنزل إليك، وقال مجاهد ﴿ وَمِنَ الأحزاب ﴾ : أي اليهود والنصارى ﴿ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ ﴾ أي بعض ما جاءك من الحق، وهذا كما قال تعالى :﴿ وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الكتاب لَمَن يُؤْمِنُ بالله ﴾ [ آل عمران : ١٩٩ ] الآية، ﴿ قُلْ إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ الله ولا أُشْرِكَ بِهِ ﴾ أي إنما بعثت بعبادة الله وحده لا شريك له، كما أرسل الأنبياء من قبلي، ﴿ إِلَيْهِ أَدْعُو ﴾ أي إلى سبيله أدعو الناس، ﴿ وَإِلَيْهِ مَآبِ ﴾ أي مرجعي ومصيري، وقوله :﴿ وكذلك أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً ﴾ أي وكما أرسلنا قبلك المرسلين وأنزلنا عليهم الكتب من السماء، كذلك أنزلنا عليك القرآن محكماً معرباً شرفناك به وفضلناك على من سواك بهذا الكتاب المبين الواضح الجلي، الذي ﴿ لاَّ يَأْتِيهِ الباطل مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [ فصلت : ٤٢ ]. وقوله :﴿ وَلَئِنِ اتبعت أَهْوَاءَهُم ﴾ أي آراءهم ﴿ بَعْدَ مَا جَآءَكَ مِنَ العلم ﴾ أي من الله سبحانه، ﴿ مَا لَكَ مِنَ الله مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ ﴾، وهذا وعيد لأهل العلم أن يتبعوا سبل أهل الضلالة بعدما صاروا إليه من سلوك السنة النبوية، والمحجة المحمدية على من جاء بها أفضل الصلاة والسلام.


الصفحة التالية
Icon