يقول تعالى مخبراً عن موسى حين ذكّر قومه بأيام الله عندهم ونعمه عليهم، إذ أنجاهم من آل فرعون وما كانوا يسومونهم به من العذاب والإذلال، حيث كانوا يذبحون من وجد من أبنائهم، ويتركون إناثهم فأنقذهم الله من ذلك، وهذه نعمة عظيمة، ولهذا قال :﴿ وَفِي ذلكم بلاء مِّن رَّبَّكُمْ عَظِيمٌ ﴾ أي نعمة عظيمة منه عليكم في ذلك أنتم عاجزون عن القيام بشكرها. وقيل :﴿ بلاء ﴾ أي اختبار عظيم، ويحتمل أن يكون المراد هذا، وهذا - والله أعلم - كقوله تعالى :﴿ وَبَلَوْنَاهُمْ بالحسنات والسيئات لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [ الأعراف : ١٦٨ ]، وقوله :﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ ﴾ أي آذنكم وأعلمكم بوعده لكم؛ ويحتمل أن يكون المعنى : وإذ أقسم ربكم وآلى بعزته وجلاله وكبريائه، كقوله تعالى :﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إلى يَوْمِ القيامة ﴾ [ الأعراف : ١٦٧ ]. وقوله :﴿ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ ﴾ أي لئن شكرتم نعمتي عليكم لأزيدنكم منها، ﴿ وَلَئِن كَفَرْتُمْ ﴾ أي كفرتم النعم وسترتموها وجحدتموها، ﴿ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ وذلك بسلبها عنهم وعقابه إياهم على كفرها، وقد جاء الحديث :« إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه » وقوله تعالى :﴿ وَقَالَ موسى إِن تكفروا أَنتُمْ وَمَن فِي الأرض جَمِيعاً فَإِنَّ الله لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ أي هو غني عن شكر عباده، وهو الحميد المحمود وإن كفره من كفره.


الصفحة التالية
Icon