« إن المؤمن إذا قبض أتته ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء فيقولون : اخرجي إلى روح الله، فتخرج كأطيب ريح مسك، حتى أنه ليتناوله بعضهم بعضاً يشمونه حتى يأتوا به باب السماء فيقولون : ما هذه الريح الطيبة التي جاءت من قبل الأرض؟ ولا يأتون سماء إلا قالوا مثل ذلك حتى يأتوا به أرواح المؤمنين، فلهم أشد فرحاً به من أهل الغائب بغائبهم، فيقولون : ما فعل فلان، فيقولون : دعوه حتى يستريح، فإنه كان في غم، فيقول : قد مات أما أتاكم، فيقولون : ذهب إلى أمه الهاوية، وأما الكافر فيأتيه ملائكة العذاب بمسح فيقولون : اخرجي إلى غضب الله، فتخرج كأنتن ريح جيفة، فيذهب به إلى الأرض »
وروى العوفي، عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية قال : إن المؤمن إذا حضره الموت شهدته الملائكة فسلموا عليه وبشروه بالجنة، فإذا مات مشوا مع جنازته، ثم صلوا عليه مع الناس، فإذا دفن أجلس في قبره فيقال له : من ربك؟ فيقول : ربي الله، فيقال له : من رسولك؟ فيقول : محمد ﷺ فيقال له : ما شهادتك؟ فيقول : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله فيوسع له في قبره مد بصره. وأما الكافر فتنزل عليه الملائكة فيبسطون أيديهم، والبسط هو الضرب ﴿ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ ﴾ [ الأنفال : ٥٠ ] عند الموت، فإذا أدخل قبره أقعد، فقيل له : من ربك؟ فلم يرجع إليهم شيئاً، وأنساه الله ذكر ذلك، وإذا قيل : من الرسول الذي بعث إليك؟ لم يهتد له ولم يرجع إليهم شيئاً ﴿ وَيُضِلُّ الله الظالمين ﴾. وقال ابن أبي حاتم، عن أبي قتادة الأنصاري في قوله تعالى :﴿ يُثَبِّتُ الله الذين آمَنُواْ بالقول الثابت فِي الحياة الدنيا وَفِي الآخرة ﴾ الآية، قال : إن المؤمن إذا مات أجلس في قبره، فيقال له : من ربك؟ فيقول : الله، فيقال له : من نبيك؟ فيقول : محمد بن عبد الله، فيقال له : ذلك مرات ثم يفتح له باب إلى النار، فيقال له : أنظر إلى منزلك من النار لو زغت، ثم يفتح له باب إلى الحنة فيقال له : انظر إلى منزلك من الجنة إذا ثبت. وإذا مات الكافر أجلس في قبره فيقال له : من ربك؟ من نبيك؟ فيقول : لا أدري، كنت أسمع الناس يقولون، فيقال له : لا دريت، ثم يفتح له باب إلى الجنة، فيقال له : انظر إلى منزلك إذا ثبت، ثم يفتح له باب إلى النار، فيقال له : انظر إلى منزلك إذ زغت، فذل كقوله تعالى :﴿ يُثَبِّتُ الله الذين آمَنُواْ بالقول الثابت فِي الحياة الدنيا وَفِي الآخرة ﴾. وقال عبد الرزاق : عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه :﴿ يُثَبِّتُ الله الذين آمَنُواْ بالقول الثابت فِي الحياة الدنيا ﴾ قال : لا إله إلا الله ﴿ وَفِي الآخرة ﴾ : المسألة في القبر، وقال قتادة أما الحياة الدنيا فيثبتهم بالخير والعمل الصالح ﴿ وَفِي الآخرة ﴾ : في القبر. وكذا روي عن غير واحد من السلف، وعن عثمان رضي الله عنه قال :« كان النبي ﷺ إذا فرغ من دفن الرجل وقف عليه وقال : استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل ».


الصفحة التالية
Icon