يعدد تعالى نعمه على خلقه بأن خلق لهم السماوات سقفاً محفوظاً والأرض فراشاً، ﴿ وَأَنزَلَ مِنَ السمآء مَآءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثمرات رِزْقاً لَّكُمْ ﴾ ما بين ثمار وزروع مختلفة الألوان والأشكال والطعوم والروائح والمنافع، وسخر الفلك بأن جعلها طافية على تيار ماء البحر، تجري عليه بأمر الله تعالى، وسخر البحر لحملها ليقطع المسافرون بها من إقليم إلى إقليم آخر لجلب ما هنا إلى هناك، وما هناك إلى هنا، وسخر الأنهار تشق الأرض من قطر إلى قطر، رزقاً للعباد، ﴿ وَسَخَّر لَكُمُ الشمس والقمر دَآئِبَينَ ﴾ أي يسيران لا يفتران ليلاً ولا نهاراً ﴿ لاَ الشمس يَنبَغِي لَهَآ أَن تدْرِكَ القمر وَلاَ اليل سَابِقُ النهار وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾ [ يس : ٤٠ ]، ﴿ يُغْشِي اليل النهار يَطْلُبُهُ حَثِيثاً ﴾ [ الأعراف : ٥٤ ] فالشمس والقمر يتعاقبان، والليل والنهار يتعارضان، فتارة يأخذ هذا من هذا فيطول، ثم يأخذ الآخر من هذا فيقصر، ﴿ يُولِجُ الليل فِي النهار وَيُولِجُ النهار فِي الليل وَسَخَّرَ الشمس والقمر كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى ﴾ [ فاطر : ١٣ ] ﴿ أَلا هُوَ العزيز الغفار ﴾ [ الزمر : ٥ ]، وقوله :﴿ وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ﴾ يقول : هيأ لكم كل ما تحتاجون إليه في جميع أحوالكم مما تسألونه بحالكم وقالكم. وقال بعض السلف : من كل ما سألتموه وما لم تسألوه، وقوله :﴿ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ الله لاَ تُحْصُوهَا ﴾، يخبر تعالى عن عجز العباد عن تعداد النعم فضلاً عن القيام بشكرها، كما قال طلق بن حبيب رحمه الله : إن حق الله أثقل من أن يقوم به العباد، وإن نعم الله أكثر من أن يحصيها العباد، ولكن أصبحوا تائبين، وأمسوا تائبين. وفي « صحيح البخاري » أن رسول الله ﷺ كان يقول :« اللهم لك الحمد غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا » وقد روي في الأثر أن داود عليه السلام قال : يا رب كيف أشكرك وشكري لك نعمة منك عليّ؟ فقال الله تعالى : الآن شكرتني يا داود، أي حين اعترفت بالتقصير عن أداء شكر المنعم. وقال الإمام الشافعي رحمه الله : الحمد لله الذي لا يؤدي شكر نعمة من نعمه، إلا بنعمة حادثة توجب على مؤديها شكره بها، وقال القائل في ذلك :



الصفحة التالية
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
لو كل جارحة مني لها لغة تثني عليك بما أوليتَ من حسن
لكان ما زاد شكري إذ شكرت به إليك أبلغ في الإحسان والمنن