يقول تعالى : ولا تحسبن الله - يا محمد - غافلاً عما يعمل الظالمون، أي لا تحسبنه إذا أنظرهم وأجلهم أنه غافل عنهم، مهمل لهم لا يعاقبهم على صنعهم، بل هو يحصي ذلك عليهم ويعده عليهم عداً، ﴿ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأبصار ﴾ أي من شدة الأهوال يوم القيام’ : ثم ذكر تعالى كيفية قيامهم من قبورهم وعجلتهم إلى قيام المحشر، فقال :﴿ مُهْطِعِينَ ﴾ أي مسرعين، كما قال تعالى :﴿ مُّهْطِعِينَ إِلَى الداع ﴾ [ القمر : ٨ ] الآية، وقال تعالى :﴿ يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الداعي لاَ عِوَجَ لَهُ ﴾ [ طه : ١٠٨ ] وقال تعالى :﴿ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأجداث سِرَاعاً ﴾ [ المعارج : ٤٣ ] الآية. وقوله :﴿ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ ﴾ قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد : رافعي رؤسهم، ﴿ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ ﴾ أي أبصارهم ظاهرة شاخصة مديمون النظر، لا يطرفون لحظة لكثرة ما هم فيه من الهول والفكرة والمخافة لما يحل بهم عياذاً بالله العظيم من ذلك؛ ولهذا قال :﴿ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ ﴾ أي وقلوبهم خاوية خالية ليس فيها شيء لكثرة الوجل والخوف، ولهذا قال قتادة وجماعة : إن أمكنه أفئدتهم خالية، لأن القلوب لدى الحناجر قد خرجت من أماكنها من شدة الخوف. وقال بعضهم : هي خراب لا تعي شيئاً لشدة ما أخبر به تعالى عنهم، ثم قال تعالى لرسوله ﷺ.


الصفحة التالية
Icon