يقول تعالى مقرراً لوعده ومؤكداً ﴿ فَلاَ تَحْسَبَنَّ الله مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ ﴾ أي من نصرتهم في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، ثم أخبر تعالى أنه ذو عزة لا يمتنع عليه شيء أراده ولا يغالب، وذو انتقام ممن كفر به وجحده، ﴿ فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [ الطور : ١١ ]، ولهذا قال :﴿ يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرض غَيْرَ الأرض والسماوات ﴾ أي وعده هذا حاصل يوم تبدل الأرض غير الأرض، كما جاء في الصحيحين، عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله ﷺ :« يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي ليس فيها معلم لأحد »، وقال الإمام أحمد، « عن عائشة أنها قالت : أنا أول الناس سأل رسول الله ﷺ عن هذه الآية :﴿ يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرض غَيْرَ الأرض والسماوات ﴾ قالت : قلت : أين الناس يومئذٍ يا رسول الله؟ قال :» على الصراط « وقال الإمام مسلم بن الحجاج في » صحيحيه « » عن ثوبان مولى رسول الله ﷺ قال : كنت قائماً عند رسول الله ﷺ فجاءه حبر من أحبار يهود فقال : السلام عليك يا محمد، فدفعته دفعة كاد يصرع منها، فقال : لم تدفعني؟ فقلت : ألا تقول يا رسول الله؟ فقال اليهودي : إنما ندعوه باسمه الذي سماه به أهله، فقال رسول الله ﷺ :« إن اسمي محمد الذي سماني به أهلي »، فقال اليهودي : جئت أسألك، فقال رسول الله ﷺ :« أينفعك شيئاً إن حدثتك »؟ فقال : أسمع بأذني، فنكت رسول الله ﷺ بعود معه، فقال :« سل »، فقال اليهودي : إن يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات؟ فقال رسول الله ﷺ :« هم في الظلمة دون الجسر »، قال : فمن أول الناس إجازة؟ فقال : فقراء المهاجرين «، فقال اليهودي : فما تحفتهم حين يدخلون الجنة؟ قال :» زيادة كبد النون «، قال : فما غذاؤهم في أثرها؟ قال :» ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها «، قال : فما شرابهم عليه؟ قال :» من عين فيها تسمى سلسبيلاً «، قال صدقت. قال : وجئت أسألك عن شيء لا يعلمه أحد من أهل الأرض إلا نبي أو رجل أو رجلان، قال : أينفعك إن حدثتك »؟ قال : أسمع بأذني، قال جئت أسألك عن الولد، قال :« ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعنا فعلا منيّ الرجل مني المرأة كان ذكراً بإن الله تعالى، وإذا علا منيّ المرأة منيّ الرجل كان أنثى بإذن الله »، قال اليهودي : لقد صدقت، وإنك لنبي، ثم انصرف، فقال رسول الله ﷺ :« لقد سألني هذا عن الذي سألني عنه وما لي علم بشيء منه حتى أتاني الله به ».


الصفحة التالية
Icon