هذا صنف آخر مما خلق تبارك وتعالى لعباده، يمتن به عليهم وهو ﴿ والخيل والبغال والحمير ﴾ التي جعلها للركوب والزينة بها وذلك أكبر المقاصد منها، ولما فصلها من الأنعام وأفردها بالذكر، استدل من استدل من العلماء ممن ذهب إلى تحريم لحوم الخيل بذل على ما ذهب إليه فيها، كالإمام أبي حنيفة رحمه الله ومن وافقه من الفقهاء بأنه تعالى قرنها بالبغال والحمير، وهي حرام، كما ثبتت به السنّة النبوية، وذهب إليه أكثر العلماء. وقد روى الإمام أبو جعفر بن جرير عن ابن عباس : أنه كان يكره لحوم الخيل والبغال والحمير، وكان يقول : قال الله تعالى :﴿ والأنعام خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾ [ النحل : ٥ ] فهذه للأكل، ﴿ والخيل والبغال والحمير لِتَرْكَبُوهَ ﴾ فهذه للركوب، ويستأنس لهذا بحديث رواه الإمام أحمد عن خالد بن الوليد رضي الله عنه قال : نهى رسول الله ﷺ عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير، ولكن لا يقاوم ما ثبت في « الصحيحين » عن جابر بن عبد الله قال :« نهى رسول الله ﷺ عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل »، وعن جابر قال :« ذبحنا يوم خيبر الخيل والبغال والحمير، فنهانا رسول الله ﷺ عن البغال والحمير، ولم ينهنا عن الخيل » وفي « صحيح مسلم » عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : نحرنا على عهد رسول الله ﷺ فرساً فأكلناه ونحن بالمدينة فهذه أدل وأقوى وأثبت، وإلى ذلك صار جمهور العلماء مالك والشافعي وأحمد وأصحابهم وأكثر السلف والخلف والله أعلم.


الصفحة التالية
Icon