لما ذكر تعالى في هذه السورة الحيوانات من الأنعام وغيرها التي يركبونها ويبلغون عليها حاجة في صدورهم، وتحمل أثقالهم إلى البلاد والأماكن البعيدة والأسفار الشاقة، شرع في ذكر الطرق التي يسلكها الناس إليه، فبيَّن أن الحق منها ما هي موصلة إليه فقال :﴿ وعلى الله قَصْدُ السبيل ﴾، كقوله :﴿ وَأَنَّ هذا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فاتبعوه وَلاَ تَتَّبِعُواْ السبل فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ﴾ [ الأنعام : ١٥٣ ] وقال :﴿ قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ ﴾ [ الحجر : ٤١ ]، قال مجاهد في قوله :﴿ وعلى الله قَصْدُ السبيل ﴾، قال : طريق الحق على الله. وقال السدي :﴿ وعلى الله قَصْدُ السبيل ﴾ الإسلام، وقال ابن عباس : وعلى الله البيان أي يبين الهدى والضلالة. وقول مجاهد هاهنا أقوى من حيث السياق، لأنه تعالى أخبر أن ثم طرقاً تسلك إليه، فليس يصل إليها منها إلا طريق الحق، وهي الطريق التي شرعها ورضيها، وما عداها مسدودة والأعمال فيها مردودة، ولهذا قال تعالى :﴿ وَمِنْهَا جَآئِرٌ ﴾ أي حائد مائل زائل عن الحق. قال ابن عباس وغيره : هي الطرق المختلفة والآراء والأهواء المتفرقة كاليهودية والنصرانية والمجوسية، وقرأ ابن مسعود :﴿ منكم جائر ﴾ ؛ ثم أخبر تعالى أن ذلك كله كائن عن قدرته ومشيئته فقال :﴿ وَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ ﴾، كما قال تعالى :« وَلَوْ شَآءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ }، وقال :{ وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ الناس أُمَّةً وَاحِدَةً » [ هود : ١١٨ ] الآية.