يخبر تعالى عن حلمه وإنظاره العصاة الذين يعملون السيئات ويدعون إليها، ويمكرون بالناس في دعائهم إياهم وحملهم عليها مع قدرته على أن يخسف بهم الأرض، أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون، أي من حيث لا يعلمون مجيئه إليهم، كقوله تعالى :﴿ أَأَمِنتُمْ مَّن فِي السمآء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأرض فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ﴾ [ الملك : ١٦ ]، وقوله :﴿ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ ﴾ أي في تقلبهم في المعايش واشتغالهم بها في أسفار ونحوها من الأشغال الملهية، قال قتادة والسدي : تقلبهم أي أسفارهم؛ وقال مجاهد والضحّاك :﴿ فِي تَقَلُّبِهِمْ ﴾ في الليل والنهار، كقوله :﴿ أَفَأَمِنَ أَهْلُ القرى أَن يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَآئِمُونَ ﴾ [ الأعراف : ٩٧ ]، وقوله :﴿ فَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ ﴾ أي لا يعجزون الله على أي حال كانوا عليه، وقوله :﴿ أَوْ يَأْخُذَهُمْ على تَخَوُّفٍ ﴾ أي أو يأخذهم الله في حال خوفهم من أخذه لهم، فإنه يكون أبلغ وأشد، فإن حصول ما يتوقع مع الخوف شديد، ولهذا قال ابن عباس :﴿ أَوْ يَأْخُذَهُمْ على تَخَوُّفٍ ﴾ يقول : إن شئت أخذت على أثر موت صاحبه وتخوفه بذلك، ثم قال تعالى :﴿ فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيم ﴾ أي حيث لم يعاجلكم بالعقوبة، كما ثبت في « الصحيحين » :« لا أجد أصبر على أذى سمعه من الله، إنهم يجعلون له ولداً وهو يرزقهم ويعافيهم »، وقال تعالى :﴿ وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ المصير ﴾ [ الحج : ٤٨ ].


الصفحة التالية
Icon