يقول الله تعالى :﴿ وَلَوْ شَآءَ الله لَجَعَلَكُمْ ﴾ أيها الناس ﴿ أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾ أي لوفق بينكم ولما جعل اختلافاً ولا تباغض ولا شحناء، ﴿ ولكن يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ ﴾ ثم يسألكم يوم القيامة عن جميع أعمالكم فيجازيكم عليها على الفتيل والنقير والقطمير، ثم حذر تعالى عباده عن اتخاذ الأيمان دخلاً : أي خديعة ومكراً لئلا تزل قدم ﴿ بَعْدَ ثُبُوتِهَا ﴾ مثلٌ لمن كان على الاستقامة فحاد عنها، وزل عن طريق الهدى بسبب الأيمان الحانثة، المشتملة على الصد عن سبيل الله، لأن الكافر إذا رأى أن المؤمن قد عاهده ثم غدر به لم يبق له وثوق بالدين، فيصد بسببه عن الدخول في الإسلام، ولهذا قال :﴿ وَتَذُوقُواْ السواء بِمَا صَدَدتُّمْ عَن سَبِيلِ الله وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾، ثم قال تعالى :﴿ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِعَهْدِ الله ثَمَناً قَلِيلاً ﴾ أي لا تعتاضوا عن الأيمان بالله عرض الحياة الدنيا وزينتها، فإنها قليلة ولو حيزت لابن آدم الدنيا فحذافيرها لكان ما عند الله هو خير له، أي جزاء الله وثوابه خير لمن رجاه وآمن به، وطلبه وحفظ عهده رجاء موعوده، ولهذا قال :﴿ إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ ﴾ أي يفرغ وينقضي فإنه إلى أجل معدود، ﴿ وَمَا عِندَ الله بَاقٍ ﴾ أي وثوابه لكم في الجنة باق ولا انقطاع ولا نفاد له، فإنه دائم لا يحول ولا يزول ﴿ وَلَنَجْزِيَنَّ الذين صبروا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ قسم من الرب تعالى مؤكد باللام أنه يجازي الصابرين بأحسن أعمالهم أي ويتجاوز عن سيئها.


الصفحة التالية
Icon