يقول تعالى آمراً عباده المؤمنين بأكل رزقه الحلال الطيب وبشكره على ذلك، فإنه المنعم المتفضل به ابتداء، ثم ذكر تعالى ما حرمه عليهم مما فيه مضرة لهم في دينهم ودنياهم من الميتة والدم ولحم الخنزير، ﴿ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ الله بِهِ ﴾ أي ذبح على غير اسم الله ومع هذا، ﴿ فَمَنِ اضطر ﴾ إليه أي احتاج من غير بغي ولا عدوان، ﴿ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ وقد تقدم الكلام على مثل هذه الآية في سورة البقرة بما فيه كفاية عن إعادته ولله الحمد. ثم نهى تعالى عن سلوك سبيل المشركين الذين حللوا وحرموا، بمجرد ما وصفوه واصطلحوا عليه وابتدعوه في جاهليتهم، فقال :﴿ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الكذب هذا حَلاَلٌ وهذا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ على الله الكذب ﴾ ويدخل في هذا كل من ابتدع بدعة ليس فيها مستند شرعي، أو حلل شيئاً مما حرم الله أو حرم شيئاً مما أباح الله بمجرد رأيه وتشهيه، ثم توعد على ذلك فقال :﴿ إِنَّ الذين يَفْتَرُونَ على الله الكذب لاَ يُفْلِحُونَ ﴾ أي في الدنيا ولا في الآخرة، أما في الدنيا فمتاع قليل، وأما في الآخرة فلهم عذاب أليم، كما قال :﴿ نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إلى عَذَابٍ غَلِيظٍ ﴾ [ لقمان : ٢٤ ]، وقال :﴿ إِنَّ الذين يَفْتَرُونَ عَلَى الله الكذب لاَ يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ فِي الدنيا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ العذاب الشديد بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ ﴾ [ يونس : ٦٩-٧٠ ].


الصفحة التالية
Icon