يمدح تعالى عبده ورسوله وخليله إبراهيم، إمام الحنفاء ووالد الأنبياء، ويبرئه من المشركين ومن اليهودية والنصرانية فقال :﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً ﴾، فأما الأمة : فهو الإمام الذي يقتدى به، والقانت : هو الخاشع والمطيع، والحنيف المنحرف قصداً عن الشرك إلى التوحيد، ولهذا قال :﴿ وَلَمْ يَكُ مِنَ المشركين ﴾، قال عبد الله بن مسعود : الأمة معلم الخير، والقانت المطيع لله ورسوله. وقال ابن عمر : الأمة الذي يعلم الناس دينهم. وقال مجاهد ﴿ أُمَّةً ﴾ أي أمة وحده، والقانت : المطيع. وعنه كان مؤمناً وحده الناس كلهم إ ذاك كفار. وقال قتادة كان إمام هدى، والقانت : المطيع لله، وقوله :﴿ شَاكِراً لأَنْعُمِهِ ﴾ أي قائماً بشكر نعم الله عليه، كقوله تعالى :﴿ وَإِبْرَاهِيمَ الذي وفى ﴾ [ النجم : ٣٧ ] أي قام بجميع ما أمره الله تعالى به. وقوله :﴿ اجتباه ﴾ أي اختاره واصطفاه كقوله :﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَآ إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ ﴾ [ الأنبياء : ٥١ ]، ثم قال :﴿ وَهَدَاهُ إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ وهو عباده الله وحده لا شريك له على شرع مرضي. وقوله :﴿ وَآتَيْنَاهُ فِي الدنيا حَسَنَةً ﴾ أي جمعنا له خير الدنيا من جميع ما يحتاج المؤمن إليه في إكمال حياته الطيبة، ﴿ وَإِنَّهُ فِي الآخرة لَمِنَ &
١٦٤٩; لصَّالِحِينَ ﴾
وقال مجاهد في قوله :﴿ وَآتَيْنَاهُ فِي الدنيا حَسَنَةً ﴾ أي لسان صدق وقوله :﴿ ثُمَّ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ أَنِ اتبع مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً ﴾ أي ومن كماله وعظمته وصحة توحيده وطريقه أنا أوحينا إليك يا خاتم الرسل وسيد الأنبياء ﴿ أَنِ اتبع مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ المشركين ﴾، كقوله في الأنعام :﴿ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي ربي إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ المشركين ﴾ [ الآية : ١٦١ ]، ثم قال تعالى منكراً على اليهود.


الصفحة التالية
Icon