يقول تعالى آمراً رسوله محمداً ﷺ أن يدعو الخلق إلى الله بالحكمة. قال ابن جرير : وهو ما أنزله عليه من الكتاب والسنة والموعظة الحسنة، أي بما فيه من الزواجر والوقائع بالناس ذكرهم بها ليحذروا بأس الله تعالى، وقوله ﴿ وَجَادِلْهُم بالتي هِيَ أَحْسَنُ ﴾، أي من احتاج منهم إلى مناظرة وجدال، فليكن بالوجه الحسن برفق ولين وحسن خطاب كقوله تعالى :﴿ وَلاَ تجادلوا أَهْلَ الكتاب إِلاَّ بالتي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ الذين ظَلَمُواْ مِنْهُمْ ﴾ [ العنكبوت : ٤٦ ] الآية، فأمره تعالى بلين الجانب، كما أمر به موسى وهارون عليهما السلام حين بعثهما إلى فرعون في قوله :﴿ فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يخشى ﴾ [ طه : ٤٤ ]. وقوله :﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ﴾ الآية، أي قد علم الشقي منهم والسعيد، وكتب ذلك عنده وفرغ منه فادعهم إلى الله، ولا تذهب نفسك على من ضل منهم حسرات، فإنه ليس عليك هداهم إنما أنت نذير، عليك البلاغ وعلينا الحساب، ﴿ إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ﴾ [ القصص : ٥٦ ]، ﴿ لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ ولكن الله يَهْدِي مَن يَشَآءُ ﴾ [ البقرة : ٢٧٢ ].


الصفحة التالية
Icon