يخبر تبارك وتعالى أن الناس إذا مسهم ضر دعوة منيبين إليه مخلصين له الدين، ولهذا قال تعالى :﴿ وَإِذَا مَسَّكُمُ الضر فِي البحر ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلاَّ إِيَّاهُ ﴾ أي ذهب عن قلوبكم كل ما تعبدون غير الله تعالى، كما اتفق لعكرمة بن أبي جهل لما ذهب فاراً من رسول الله ﷺ حين فتح مكة، فذهب هارباً فركب في البحر ليدخل الحبشة فيجاءتهم ريح عاصف فقال القوم بعضهم لبعض : إنه لا يغني عنكم إلاّ أن تدعو الله وحده، فقال عكرمة في نفسه، والله إن كان لا ينفع في البحر غيره فإنه لا ينفع في البر غيره، اللهم لك عليّ عهد لئن أخرجتني منه لأذهبن فلأضعن يدي في يد محد فلأجدنه رؤوفاً رحيماً، فخرجوا من البحر فرجع إلى رسول الله ﷺ فأسلم وحسن إسلامه رضي الله عنه وأرضاه، وقوله تعالى :﴿ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى البر أَعْرَضْتُمْ ﴾ أي نسيتم ما عرفتم من توحيده في البحر، وأعرضتم عن دعائه وحده لا شريك له ﴿ وَكَانَ الإنسان كَفُوراً ﴾ أي سجيته هذا، ينسى النعم ويجحدها إلاّ من عصم الله.


الصفحة التالية
Icon