[ لقمان : ٢٧ ]، وقد اختلف المفسرون في المراد بالروح هاهنا على أقوال :( أحدها ) أن المراد أرواح بني آدم، « عن ابن عباس أن اليهود قالوا للنبي ﷺ أخبرنا عن الروح وكيف تعذب الروح التي في الجسد؟ ولم يكن نزل عليه فيه شيء، فأتاه جبريل فقال له :﴿ قُلِ الروح مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ العلم إِلاَّ قَلِيلاً ﴾. فأخبرهم النبي ﷺ بذلك. فقالوا : من جاءك بهذا؟ قال :» جاءني به جبريل من عند الله «، فقالوا له : والله ما قاله لك إلاّ عدونا »، فأنزل الله :﴿ قُلْ مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ على قَلْبِكَ بِإِذْنِ الله مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾ [ البقرة : ٩٧ ]، وقيل : المراد بالروح هاهنا جبريل، قاله قتادة، وقيل : المراد به اهنا، ملك عظيم بقدر المخلوقات كلها.
وقوله تعالى :﴿ قُلِ الروح مِنْ أَمْرِ رَبِّي ﴾ : أي من شأنه، ومما استأثر بعلمه دونكم، ولهذا قال :﴿ وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ العلم إِلاَّ قَلِيلاً ﴾ أي وما أطلعكم من علمه إلا على القليل، فإنه لا يحيط أحد بشيء من علمه إلاّ بما شاء تبارك وتعالى، والمعنى أن علمكم في علم الله قليل، وهذا الذي تسألون عنه من أمر الروح مما استأثر به تعالى ولم يطلعكم عليه، كما أنه لم يطلعكم إلا على القليل من عمله تعالى. وسيأتي إن شاء الله في قصة موسى والخضر، أن الخضر قال : يا موسى ما علمي وعلمك وعلم الخلائق في علم الله إلاّ كما أخذ هذا العصفور من هذا البحر، ولهذا قال تعالى :﴿ وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ العلم إِلاَّ قَلِيلاً ﴾. وقال السهيلي : قال بعض الناس : لم يجبهم عما سألوا لأنهم سألوا على وجه التعنت، وقيل أجابهم، ثم ذكر السهيلي : الخلاف بين العلماء في أن الروح هي النفس أو غيرها، وقرر : أنها ذات لطيفة كالهواء سارية في الجسد كسريان الماء في عروق الشجر، وحاصل القول : أن الروح هي أصل النفس ومادتها، والنفس مركبة منها ومن اتصالها بالبدن، فهي هي من وجه، لا من كل وجه، وهذا معنى حسن والله أعلم.