وقوله تعالى :﴿ حتى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرض يَنْبُوعاً ﴾ الينبوع : العين الجارية، سألوه أن يجري لهم عيناً معيناً في أرض الحجاز هاهنا وهاهنا، وذلك سهل على الله تعالى يسير لو شاء لفعله ولأجابهم إلى جميع ما سألوا وطلبوا، ولكن علم أنهم لا يهتدون، كما قال تعالى :﴿ إِنَّ الذين حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَآءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حتى يَرَوُاْ العذاب الأليم ﴾ [ يونس : ٩٦-٩٧ ]. وقوله تعالى :﴿ أَوْ تُسْقِطَ السمآء كَمَا زَعَمْتَ ﴾ أي أنك وعدتنا أن يوم القيامة تنشق فيه السماء وتهي وتدلي أطرافها فعجّلْ ذلك في الدنيا، وأسقطها كسفاً، أي قطعاً، كذلك سأل قوم شعيب فقالوا :﴿ فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً مِّنَ السمآء إِن كُنتَ مِنَ الصادقين ﴾ [ الشعراء : ١٨٧ ]، فعاقبهم الله بعذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم، وأما نبي الرحمة المبعوث رحمة للعالمين فسأل إنظارهم وتأجيلهم، لعل الله يخرج من أصلابهم من يعبده لا يشرك به شيئاً، وكذلك وقع، فإن من هؤلاء الذين الذين ذكروا من أسلم بعد ذلك وحسن إسلامه حتى ( عبد الله بن أبي أمية ) الذي تبع النبي ﷺ وقال له ما قال. أسلم إسلاماً تاماً وأناب إلى الله عزَّ وجلَّ، وقوله تعالى :﴿ أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ ﴾. قال ابن عباس ومجاهد : هو الذهب، أي يكون لك بيت من ذهب، ﴿ أَوْ ترقى فِي السمآء ﴾ أي تصعد في سلم، ونحن ننظر إليك، ﴿ وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ ﴾، قال مجاهد : أي مكتوب فيه، إلى كل واحد صحيفة، هذا كتاب من الله لفلان بن فلان تصبح موضوعة عند رأسه، وقوله تعالى :﴿ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إِلاَّ بَشَراً رَّسُولاً ﴾ أي سبحانه وتعالى وتقدس، أن يتقدم أحد بين يديه في أمر من أمور سلطانه وملكوته، بل هو الفعال لما يشاء، وما أنا إلاّ رسول إليكم أبلغكم رسالات ربي، وأنصح لكم وأمركم فيما سألتم إلى الله عزَّ وجلَّ، وعن أبي أمامة، عن النبي ﷺ قال :« عرض علي ربي عزَّ وجلّ ليجعل لي بطحاء مكة ذهباً، فقلت : لا يا رب ولكن أشبع يوماً وأجوع يوماً - أو نحو ذلك - فإذا جعت تضرعت إليك وذكرتك، وإذا شبعت حمدتك وشكرتك ».