يقول تعالى :﴿ وَمَا مَنَعَ الناس ﴾ أي أكثرهم، ﴿ أَن يؤمنوا ﴾ ويتابعوا الرسل، إلاّ استعجابهم من بعثة البشر رسلاً كما قال تعالى :﴿ أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَآ إلى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ الناس ﴾ [ يونس : ٢ ] ؟ وقال تعالى :﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بالبينات فقالوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا ﴾ [ التغابن : ٦ ] الآية. وقال فرعون وملؤه :﴿ أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ ﴾ [ المؤمنون : ٤٧ ] ؟ وكذلك قالت الأمم لرسلهم :﴿ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَآؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ﴾ [ إبراهيم : ١٠ ]، والآيات في هذا كثيرة، ثم قال تعالى منبهاً على لطفه ورحمته بعباده، أنه يبعث إليهم الرسول من جنسهم ليفقهوا عنه ويفهموا منه، لتمكنهم من مخاطبته ومكالمته، ولو بعث إلى البشر رسولاً من الملائكة لما استطاعوا مواجهته، ولا الأخذ عنه، كما قال تعالى :﴿ كَمَآ أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنْكُمْ يَتْلُواْ عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الكتاب والحكمة وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ ﴾ [ البقرة : ١٥١ ]، ولهذا قال هاهنا :﴿ قُل لَوْ كَانَ فِي الأرض ملائكة يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ ﴾ أي كما أنتم فيها ﴿ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِم مِّنَ السمآء مَلَكاً رَّسُولاً ﴾ أي من جنسهم، ولمّا كنتم أنتم بشراً بعثنا فيكم رسلنا منكم لطفاً ورحمة.