« يوشك أن يكون خير مال أحدكم غنما يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن » ففي هذه الحال تشرع العزلة عن الناس ولا تشرع فيما عداها، لما يفوت بها من ترك الجماعات والجمع، فلما وقع عزمهم على الذهاب والهرب من قومهم، واختار الله تعالى لهم ذلك وأخبر عنهم بذلك في قوله :﴿ وَإِذِ اعتزلتموهم وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ الله ﴾ : أي وإذ فارقتموهم وخالفتموهم بأديانكم في عبادتهم غير الله، ففارقوهم أيضاً بأبدانكم، ﴿ فَأْوُوا إِلَى الكهف يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ ﴾ : أي يبسط عليكم رحمة يستركم بها من قومكم ﴿ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِّنْ أَمْرِكُمْ ﴾ الذي أنتم فيه، ﴿ مِّرْفَقاً ﴾ أي أمراً ترتفقون به، فعند ذلك خرجوا هرباً إلى الكهف، فأووا إليه ففقدهم قومهم من بين أظهرهم وتطلبهم الملك، فيقال إنه لم يظفر بهم، وعمّى الله عليه خبرهم كما فعل بنبيّه محمد ﷺ وصاحبه الصدّيق حين لجآ إلى ( غار ثور ).


الصفحة التالية
Icon