هذا خبر من الله تعالى لرسوله ﷺ، بمقدار ما لبث أصحاب الكهف في كهفهم، منذ أرقدهم إلى أن بعثهم الله، أعثر عليهم أهل ذلك الزمان، وأنه كان مقداره ثلثمائة سنة تزيد تسع سنين بالهلالية. وهي ثلثمائة سنة بالشمسية، فإن تفاوت ما بين كل مائة سنة بالقمرية إلى الشمسية ثلاث سنين، فلهذا قال بعد الثلثمائة وازدادوا تسعاً، وقوله :﴿ قُلِ الله أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ ﴾ أي إذا سئلت عن لبثهم وليس عندك علم في ذلك وتوقيف من الله تعالى فلا تتقدم فيه بشيء، بل قل في مثل هذا ﴿ الله أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ لَهُ غَيْبُ السماوات والأرض ﴾ أي لا يعلم ذلك إلا هو، ومن أطلعه عليه من خلقه. وقوله ﴿ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ﴾ أي إنه لبصير بهم سميع لهم، قال ابن جرير : وذلك في معنى المبالغة في المدح كأنه قيل ما أبصره وأسمعه، وتأويل الكلام : ما أبصر الله لكل موجود وأسمعه لكل مسموع، لا يخفى عليه من ذلك شيء. ثم روي عن قتادة في قوله ﴿ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ﴾ : فلا أحد أبصر من الله ولا أسمع. وقوله ﴿ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً ﴾ أي أنه تعالى هو الذي له الخلق والأمر لا معقب لحكمه، وليس له وزير ولا نصير، ولا شريك ولا مشير تعالى وتقدس.


الصفحة التالية
Icon