يخبر تعالى عن تمرد الكفرة في قديم الزمان وحديثه، وتكذيبهم بالحق البين الظاهر مع ما يشاهدون من الآيات والدلالات الواضحات، وأنه ما منعهم من اتباع ذلك إلاّ طلبهم أن يشاهدوا العذاب الذي وعدوا به عياناً كما قال أولئك لنبيهم :﴿ فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً مِّنَ السمآء إِن كُنتَ مِنَ الصادقين ﴾ [ النساء : ١٨٧ ]، وآخرون قالوا :﴿ ائتنا بِعَذَابِ الله إِن كُنتَ مِنَ الصادقين ﴾ [ العنكبوت : ٢٩ ]، وقالت قريش :﴿ اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ السمآء أَوِ ائتنا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [ الأنفال : ٣٢ ] إلى غير ذلك من الآيات الدالة على ذلك، ثم قال :﴿ إِلاَّ أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الأولين ﴾ من غشيانهم بالعذاب، وأخذهم عن آخرهم ﴿ أَوْ يَأْتِيَهُمُ العذاب قُبُلاً ﴾ أي يرونه عياناً مواجهة ومقابلة، ثم قال تعالى :﴿ وَمَا نُرْسِلُ المرسلين إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ ﴾ أي مبشرين من صدقهم وآمن بهم، ومنذرين لمن كذبهم وخالفهم، ثم أخبر عن الكفار بأنهم ﴿ وَجَادَلُوا بالباطل لِيُدْحِضُواْ بِهِ ﴾ [ غافر : ٥ ] أي ليضعفوا به الحق، الذي جاءتهم به الرسل، وليس ذلك بحاصل لهم، ﴿ واتخذوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُواْ هُزُواً ﴾ أي اتخذوا الحجج والبراهين وخوارق العادات التي بعث بها الرسل، وما أنذروهم وخوفوهم به من العذاب، ﴿ هُزُواً ﴾ : أي سخروا منهم في ذلك وهو أشد التكذيب.


الصفحة التالية
Icon