هذا الكلام يتضمن محذوفاً، وهو أنه أجيب إلى ما سأل في دعائه فقيل له :﴿ يازكريآ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ اسمه يحيى ﴾، كما قال تعالى :﴿ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدعآء * فَنَادَتْهُ الملائكة وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي المحراب أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بيحيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ الله وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِّنَ الصالحين ﴾ [ آل عمران : ٣٨-٣٩ ]، وقوله :﴿ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً ﴾. قال قتادة : أي لم يسم أحد قبله بهذا الاسم، وقال مجاهد :﴿ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيّاً ﴾ أي شبيهاً، أخذه من معنى قوله :﴿ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً ﴾ [ مريم : ٦٥ ] ؟ أي شبيهاً، وقال ابن عباس : أي لم تلد العواقر قبله مثله، وهذا دليل على أن زكريا عليه السلام كان لا يولد له، وكذلك امرأته كانت عاقراً من أول عمرها، بخلاف إبراهيم وسارة عليهما السلام، فإنهما إنما تعجبا من البشارة بإسحاق لكبرهما، ولهذا قال :﴿ أَبَشَّرْتُمُونِي على أَن مَّسَّنِيَ الكبر فَبِمَ تُبَشِّرُونَ ﴾ [ الحجر : ٥٤ ] مع أنه كان قد ولد له قبله إسماعيل بثلاث عشرة سنة.