يقول تعالى مخبراً عن زكريا عليه السلام أنه ﴿ قَالَ رَبِّ اجعل لي آيَةً ﴾ أي علامة ودليلاً على وجود ما وعدتني، لتستقر نفسي ويطمئن قلبي بما وعدتني، كما قال إبراهيم عليه السلام ﴿ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الموتى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بلى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ﴾ [ البقرة : ٢٦٠ ]، ، ﴿ قَالَ آيَتُكَ ﴾ أي علامتك ﴿ أَلاَّ تُكَلِّمَ الناس ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيّاً ﴾ أي أن يُحبس لسانك عن الكلام ثلاث ليال، وأنت صحيح سوي، من غير مرض ولا علة، قال ابن عباس ومجاهد وغير واحد : اعتقل لسانه من غير مرض ولا علة. قال زيد بن أسلم : كان يقرأ ويسبّح ولا يستطيع أن يكلم قومه إلاّ إشارة، وقال العوفي، عن ابن عباس :﴿ ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيّاً ﴾ أي متتابعات. وقال مالك، عن زيد بن أسلم :﴿ ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيّاً ﴾ من غير خرس، وهذا دليل على أنه لم يكن يكلم الناس في هذه الليالي الثلاث وأيامها ﴿ إِلاَّ رَمْزاً ﴾ [ آل عمران : ٤١ ] أي إشارة، ولهذا قال في هذه الآية الكريمة ﴿ فَخَرَجَ على قَوْمِهِ مِنَ المحراب ﴾ أي الذي بشر فيه بالولد ﴿ فأوحى إِلَيْهِمْ ﴾ أي أشار، إشارة خفية سريعة ﴿ أَن سَبِّحُواْ بُكْرَةً وَعَشِيّاً ﴾ أي موافقة له فيما أمر به في هذه الأيام الثلاثة زيادة على أعماله، شكراً لله على ما أولاه. قال مجاهد ﴿ فأوحى إِلَيْهِمْ ﴾ أي أشار. وقال مجاهد : أي كتب لهم في الأرض.


الصفحة التالية
Icon