ومنهم من يمر كعدو الرجُل حتى إن آخرهم مراً رجل نوره على موضع إبهامي قدميه يمر فيتكفأ به الصراط، والصرط دحض مزلة. عليه حسك كحسك القتاد، حافتاه ملائكة معهم كلاليب من نار يختفطون بها الناس، وقال ابن جرير، عن عبد الله قوله ﴿ وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا ﴾ قال : الصراط على جهنم مثل حد السيف، فتمر الطبقة الأولى كالبرق، والثانية كالريح، والثالثة كأجود الخيل، والرابعة كأجود البهائم، ثم يمرون والملائكة يقولون اللهم سلم سلم، ولهذا شواهد في « الصحيحين » وغيرهما. عن أم مبشر امرأة زيد بن حارثة، قالت كان رسول الله ﷺ في بيت حفصة فقال :« لا يدخل النار أحد شهد بدراً والحديبية »، قالت حفصة : أليس الله يقول :﴿ وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا ﴾ ؟ فقال رسول الله ﷺ :﴿ ثُمَّ نُنَجِّي الذين اتقوا ﴾ الآية، وفي « الصحيحين » عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله ﷺ :« لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد تمسه النار إلا تحلة القسم » يعني الورود. وقال قتادة قوله :﴿ وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا ﴾ هو الممر عليها. وقال عبد الرحمن بن زيد : ورود المسلمين المرور على الجسر بين ظهرانيها، وورود المشركين أن يدخلوها، والزالون والزالات يومئذٍ كثير، وقد أحاط بالجسر يومئذٍ سماطان من الملائكة دعاؤهم يا الله سلم سلم « وقال السدي، عن ابن مسعود في قوله ﴿ كَانَ على رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً ﴾ قال : قسماً واجباً، وقال مجاهد : حتماً، قال قضاء، وقوله ﴿ ثُمَّ نُنَجِّي الذين اتقوا ﴾ أي إذا مر الخلائق كلهم على النار، وسقط فيها من سقط من الكفار، والعصاة، نجى الله تعالى المؤمنين المتقين منها بحسب أعمالهم، فجوازهم على الصراط وسرعتهم بقدر أعمالهم التي كانت في الدنيا، ثم يشفعون في أصحاب الكبائر من المؤمنين، فيشفع الملائكة والنبيون والمؤمنون، فيخرجون خلقاً كثيراً قد أكلتهم النار إلاّ دارات وجوههم، وهي مواضع السجود، ولا يبقى في النار إلاّ من وجب عليه الخلود، كما وردت بذلك الأحاديث الصحيحة عن رسول الله ﷺ، ولهذا قال تعالى :﴿ ثُمَّ نُنَجِّي الذين اتقوا وَّنَذَرُ الظالمين فِيهَا جِثِيّاً ﴾.


الصفحة التالية
Icon