الظاهر من السياق أن هذا من تمام ما وعظ به السحرة لفرعون، يحذرونه من نقمة الله وعذابه الدائم السرمدي، ويرغبونه في ثوابه الأبدي المخلد، فقالوا ﴿ إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً ﴾ أي يلقى الله يوم القيامة وهو مجرم ﴿ لَهُ جَهَنَّمَ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يحيى ﴾، كقوله :﴿ لاَ يقضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُواْ وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِّنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ ﴾ [ فاطر : ٣٦ ]. عن أبي سعيد الخدري قال، قال رسول الله ﷺ :« أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون، ولكن أناس تصيبهم النار بذنوبهم، فتميتهم إماتة، حتى إذا صاروا فحماً وأذن في الشفاعة جيء بهم ضبائر ضبائر، فبثوا على أنهار الجنة، فيقال : يا أهل الجنة اقبضوا عليهم فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل »، فقال رجل من القوم : كأن رسول الله ﷺ كان بالبادية. وقوله تعالى :﴿ وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصالحات ﴾ أي ومن لقي ربه يوم المعاد، مؤمن القلب قد صدق ضميره بقوله وعمله، ﴿ فأولئك لَهُمُ الدرجات العلى ﴾ أي الجنة ذات الدرجات العاليات، والغرف الآمنات والمساكن الطيبات، عن النبي ﷺ قال :« الجنة مائة درجة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، والفردوس أعلاها درجة، ومنها تخرج الأنهار الأربعة، والعرش فوقها، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس »، وفي « الصحيحين » :« إن أهل عليين ليرون من فوقهم كما ترون الكوكب الغابر في أفق السماء، لتفاضل ما بينهم - قالوا : يا رسول الله تلك منازل الأنبياء؟ قال : بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين »، وفي السنن وإن أبا بكر وعمر لمنعهم وأنعما، وقوله :﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ ﴾ أي إقامة وهي بدل من الدرجات العلى ﴿ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار خَالِدِينَ فِيهَا ﴾ أي ماكثين بداً ﴿ وذلك جَزَآءُ مَن تزكى ﴾ أي طهر نفسه من الدنس والخبث والشرك، وعبد الله وحده لا شريك له، واتبع المرسلين فيما جاءوا به من خير وطلب.