يقول تعالى مخبراً : أنه أمر موسى عليه السلام حين أبى فرعون أن يرسل معه بني إسرائيل أن يسري بهم في الليل، ويذهب بهم من قبضة فرعون، وذلك أن موسى لما خرج ببني إسرائيل أصبحوا وليس منهم بمصر لا دع ولا مجيب، فغضب فرعون غضباً شديداً، وأرسل من يجمعون له الجند له بلدانه، ثم لما جمع جنده واستوثق له جيشه، ساق في طلبهم فاتبعوهم مشرقين، أي عند طلوع الشمس، ﴿ تَرَاءَى الجمعان ﴾ [ الشعراء : ٦١ ] : أي نظر كل من الفريقين إلى الآخر، ﴿ قَالَ أَصْحَابُ موسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [ الشعراء : ٦١-٦٢ ] ووقف ببني إسرائيل أمامهم، وفرعون وراءهم، فعند ذلك أوحى الله إليه :﴿ فاضرب لَهُمْ طَرِيقاً فِي البحر يَبَساً ﴾ فضرب البحر بعصاه، فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم، أي الجبل العظيم، فأرسل الله الريح على أرض البحر، فلفحته حتى صار يابساً كوجه الأرض، فلهذا قال ﴿ فاضرب لَهُمْ طَرِيقاً فِي البحر يَبَساً لاَّ تَخَافُ دَرَكاً ﴾ : أي من فرعون ﴿ وَلاَ تخشى ﴾ يعني من البحر أن يغرق قومك، ثم قال تعالى ﴿ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِّنَ اليم ﴾ : أي البحر ﴿ مَا غَشِيَهُمْ ﴾ وهذا يقال عند الأمر المعروف المشهور كما قال تعالى :﴿ والمؤتفكة أهوى * فَغَشَّاهَا مَا غشى ﴾ [ النجم : ٥٣-٥٤ ].