يخبر تعالى عن موسى عليه السلام حين رجع إلى قومه، فرأى ما قد حدث فيهم من الأمر العظيم، فامتلأ عند ذلك غضباً، وألقى ما كان في يده من الألواح الإلهية، وأخذ برأس أخيه يجره إليه، فقال :﴿ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضلوا * أَلاَّ تَتَّبِعَنِ ﴾ أي فتخبرني بهذا الأمر أول ما وقع ﴿ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي ﴾ : أي فيما كنت قدمت إليك، وهو قوله :﴿ اخلفني فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ المفسدين ﴾ [ الأعراف : ١٤٢ ] ترفق له بذكر الأم مع أنه قيقه لأبويه، لأن ذكر الأم هاهنا أرق وأبلغ في الحنو والعطف، ولهذا قال :﴿ يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي ﴾ الآية. هذا اعتذار من هارون عند موسى في سبب تأخره عنه، حيث لم يلحقه فيخبره بما كان من هذا الخطب الجسيم، قال ﴿ إِنِّي خَشِيتُ ﴾ أن أتبعك فأخبرك بهذا، فتقول لي لم تركتهم وحدهم وفرقت بينهم، ﴿ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ﴾ : أي وما راعيت ما أمرتك به، حيث استخلفتك فيهم، قال ابن عباس : وكان هارون هائباً مطيعاً له.