يقول تعالى لنبيّه محمد ﷺ : كما قصصنا خبر عليك خبر موسى، وما جرى له مع فرعون وجنوده على الجلية والأمر الواقع، كذلك نقص عليك الأخبار الماضية كما وقعت من غير زيادة ولا نقص، هذا ﴿ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً ﴾ أي من عندنا ﴿ ذِكْراً ﴾ وهو القرآن العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، الذي لم يعط نبي من الأنبياء كتاباً مثله، ولا أكمل منه ولا أجمع لخبر ما سبق وخبر ما هو كائن منه، وقوله تعالى :﴿ مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ ﴾ أي كذب به وأعرض عن اتباعه أمراً وطلباً، وابتغى الهدى من غيره، فإن الله يضله ويهديه إلى سواء الجحيم، ولهذا قال :﴿ مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ القيامة وِزْراً ﴾ أي إثماً، كما قال تعالى :﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأحزاب فالنار مَوْعِدُهُ ﴾ [ هود : ١٧ ]، وهذا عام في كل من بلغه القرآن من العرب والعجم أهل الكتاب وغيرهم، كما قال :﴿ لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَن بَلَغَ ﴾ [ الأنعام : ١٩ ]، فكل من بلغه القرآن فهو نذير له، وداع، فن اتبعه هدي، ومن خالفه وأعرض عنه ضل وشقي في الدنيا، والنار موعده يوم القيامة، ولهذا قال ﴿ مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ القيامة وِزْراً * خَالِدِينَ فِيهِ ﴾ أي لا محيد لهم عنه ولا انفكاك، ﴿ وَسَآءَ لَهُمْ يَوْمَ القيامة حِمْلاً ﴾ أي بئس الحمل حملهم.