يقول تعالى ﴿ يَوْمَئِذٍ ﴾ : أي يوم القيامة ﴿ لاَّ تَنفَعُ الشفاعة ﴾ أي عنده ﴿ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحمن وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً ﴾، كقوله :﴿ مَن ذَا الذي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ ﴾ [ البقرة : ٢٥٥ ]. وقوله :﴿ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارتضى وَهُمْ مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ﴾ [ الأنبياء : ٢٨ ]، وقال :﴿ لاَّ تَنفَعُ الشفاعة إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ﴾. وفي « الصحيحين » عن رسول الله ﷺ أنه قال :« آتي تحت العرش وأخر لله ساجداً، ويفتح عليّ بمحامد لا أحصيها الآن، فيدعني ما شاء أن يدعني ثم يقول : يا محمد ارفع رأسك، وقل يسمع واشفع تشفع، قال : فيحد لي حداً فأدخلهم الجنة ثم أعود »، فذكر أربع مرات صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر الأنبياء. وقوله :﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ﴾ أي يحيط علماً بالخلائق كلهم ﴿ وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً ﴾ كقوله :﴿ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَآءَ ﴾ [ البقرة : ٢٥٥ ]، وقوله :﴿ وَعَنَتِ الوجوه لِلْحَيِّ القيوم ﴾. قال ابن عباس وغير واحد : خضعت وذلت واستسلمت الخلائق لجبارها الحي الذي لا يموت، القيوم الذي لا ينام، وهو قيم على كل شيء، يدبره ويحفظه، فهو الكامل في نفسه، الذي كل شيء فقير إليه لا قوام له إلاّ به وقوله ﴿ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً ﴾ : أي يوم القيامة فإن الله سيؤدي كل حق إلى صاحبه حتى يقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء، وفي الحديث :« يقول الله عزَّ وجلَّ : وعزتي وجلالي لا يجاوزني اليوم ظلم ظالم » وقوله :﴿ وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصالحات وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ يَخَافُ ظُلْماً وَلاَ هَضْماً ﴾ لما ذكر الظالمين ووعيدهم ثنى بالمتقين وحكمهم، وهو أنهم لا يظلمون ولا يهضمون أي لا يزاد في سيئاتهم ولا ينقص من حسناتهم، قاله ابن عباس ومجاهد وغير واحد، فالظلم الزيادة بأن يحمل عليه ذنب غيره، والهضم : النقص.