يقول تعالى : ولما كان يوم المعاد والجزاء واقعاً لا محالة أنزلنا القرآن بشيراً ونذيراً بلسان عربي مبين ﴿ صَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الوعيد لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ أي يتركون المآثم والمحارم والفواحش ﴿ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً ﴾ وهو إيجاد الطاعة وفعل القربات، ﴿ فتعالى الله الملك الحق ﴾ أي تنزه وتقدس الملك الحق، الذي وعده الحق ووعيده حق، وعدله تعالى أن لا يعذب أحداً قبل الإنذار وبعثه الرسل لئلا يبقى لأحد حجة ولا شبهة، وقوله :﴿ وَلاَ تَعْجَلْ بالقرآن مِن قَبْلِ أَن يقضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ ﴾، كقوله تعالى :﴿ لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ﴾ [ القيامة : ١٦-١٧ ] وثبت في « الصحيح » عن ابن عباس : أن رسول الله ﷺ كان يعالج من الوحي شدة، فكان مما يحرك به لسانه، فأنزل الله هذه الآية يعني أنه عليه السلام كان إذا جاءه جبريل بالوحي، كلما قال جبريل آية قالها معه، من شدة حرصه على حفظ القرآن فأرشده الله تعالى إلى ما هو الأسهل والأخف في حقه لئلا يشق عليه فقال :﴿ لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ﴾ [ القيامة : ١٦-١٧ ] أي أن نجمعه في صدرك ثم تقرأه على الناس من غير أن تنسى منه شيئاً، ﴿ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فاتبع قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ﴾ [ القيامة : ١٨-١٩ ]، وقال في هذه الآية :﴿ وَلاَ تَعْجَلْ بالقرآن مِن قَبْلِ أَن يقضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ ﴾ أي بل انصت، فإذا فرغ الملك من قراءته عليك فاقرأه بعده، ﴿ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً ﴾ أي زدني منك علماً، ولم يزل ﷺ في زيادة حتى توفاه الله عزَّ وجلَّ، وكان رسول الله ﷺ يقول :« اللهم انفعني بما علمتني وعلمني ما ينفعني وزدني علماً والحمد لله على كل حال ».