يقول تعالى مخبراً عن قوم إبراهيم حين قال لهم ما قال :﴿ فرجعوا إلى أَنفُسِهِمْ ﴾ أي بالملامة، فقالوا ﴿ إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظالمون ﴾، أي في ترككم لها مهملة لا حافظ عندها، ﴿ ثُمَّ نُكِسُواْ على رُءُوسِهِمْ ﴾ أي ثم أطرقوا في الأرض فقالوا ﴿ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هؤلاء يَنطِقُونَ ﴾، قال قتادة : أدركت القوم حيرة سوء فقالوا ﴿ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هؤلاء يَنطِقُونَ ﴾، وقال السدي ﴿ ثُمَّ نُكِسُواْ على رُءُوسِهِمْ ﴾ : أي في الفتنة، وقول قتادة أظهر في المعنى لأنهم إنما فعلوا ذلك حيرة وعجزاً، ولهذا قالوا له ﴿ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هؤلاء يَنطِقُونَ ﴾ فكيف تقول لنا سلوهم إن كانوا ينطقون وأنت تعلم أنها لا تنطق، فعندها قال لهم إبراهيم لما اعترفوا بذلك ﴿ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله مَا لاَ يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلاَ يَضُرُّكُمْ ﴾ ؟ أي إذا كانت لا تنطق وهي لا تنفع ولا تضر فلم تعبدونها من دون الله؟ ﴿ أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾ ؟! أي أفلا تتدبرون ما أنتم فيه من الضلال والكفر الغليظ، الذي لا يروج إلا على جاهل ظالم فاجر؟ فأقام عليهم الحجة وألزمهم بها، ولهذا قال تعالى :﴿ وَتِلْكَ حُجَّتُنَآ آتَيْنَاهَآ إِبْرَاهِيمَ على قَوْمِهِ ﴾ [ الأنعام : ٨٣ ] الآية.


الصفحة التالية
Icon