يقول تعالى مخبراً عن إبراهيم، أنه سلمه الله من نار قومه وأخرجه من بين أظهرهم، مهاجراً إلى بلاد الشام إلى الأرض المقدسة منها، عن أبي بن كعب قال : هي الشام، وما من ماء عذب إلا يخرج من تحت الصخرة، وقال قتادة : كان بأرض العراق، فأنجاه الله إلى الشام، وكان يقال للشام أعقار دار الهجرة، وما نقص من الأرض يزيد في الشام، وما نقص من الشام زيد في فلسطين، وكان يقال هي أرض المحشر والمنشر وبها ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام وبها يهلك المسيح الدجال، وقوله :﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ﴾ النافلة : ولد الولد يعني أن يعقوب ولد إسحاق، كما قال :﴿ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَآءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ ﴾ [ هود : ٧١ ]، وقال عبد الرحمن بن أسلم : سأل واحداً فقال :﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصالحين ﴾ [ الصافات : ١٠٠ ] فأعطاه الله إسحاق وزاده يعقوب نافلة، ﴿ وَكُلاًّ جَعَلْنَا صَالِحِينَ ﴾ أي الجميع أهل خير وصلاح، ﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً ﴾ أي يقتدى بهم ﴿ يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ﴾ أي يدعون إلى الله بإذنه، ولهذا قال :﴿ وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِمْ فِعْلَ الخيرات وَإِقَامَ الصلاة وَإِيتَآءَ الزكاة ﴾ من باب عطف الخاص على العام، ﴿ وَكَانُواْ لَنَا عَابِدِينَ ﴾ : أي فاعلين لما يأمرون الناس به، وكان قد آمن بإبراهيم عليه السلام واتبعه وهاجر معه، كما قال تعالى :﴿ فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إلى ربي إِنَّهُ هُوَ العزيز الحكيم ﴾ [ العنكبوت : ٢٦ ] فآتاه الله حكماً وعلماً وأوحى إليه وجعله نبياً وبعه إلى ( سدوم ) وأعمالها فخالفون وكذبوه، فأهلكهم الله ودمر عليهم كما قص خبرهم في غير موضع من كتابه العزيز، ولهذا قال :﴿ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ القرية التي كَانَت تَّعْمَلُ الخبائث إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ * وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَآ إِنَّهُ مِنَ الصالحين ﴾.