هكذا يذكر تعالى قصة مريم وابنها عيسى عليهما السلام، مقرونة بقصة زكريا وابنه يحيى عليهما السلام، فيذكر أولاً قصة زكريا، ثم يتبعها بقصة مريم، لأن تلك مربوطة بهذه، فإنها إيجاد ولد من شيخ كبير قد طعن في السن، ومن امرأة عجوز عاقر، لم تكن تلد في حال شبابها، ثم يذكر قصة مريم، وهي أعجب، فإنها إيجاد ولد من أنثى بلا ذكر، قال تعالى :﴿ والتي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَ ﴾ يعني مريم عليها السلام، كما قال في سورة التحريم :﴿ وَمَرْيَمَ ابنت عِمْرَانَ التي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا ﴾ [ الآية : ١٢ ]، وقوله :﴿ جَعَلْنَاهَا وابنهآ آيَةً لِّلْعَالَمِينَ ﴾ أي دلالة على أن الله على كل شيء قديرِ، وأنه يخلق ما يشاء، وإنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون، وهذا كقوله ﴿ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِّلْنَّاسِ ﴾ [ مريم : ٢١ ] قال ابن عباس في قوله :﴿ لِّلْعَالَمِينَ ﴾ قال : العالمين الجن والإنس.


الصفحة التالية
Icon