( الحديث الرابع ) : عن عائشة قالت، قلت : يا رسول الله هل يذكر الحبيب حبيبه يوم القيامة؟ قال :« يا عائشة أما عند ثلاث فلا، أما عند الميزان حتى يثقل أو يخف فلا، وأما عند تطاير الكتب إما يعطى بيمينه وإما يعطى بشماله فلا، وحين يخرج عنق من النار فيطوى عليهم ويتغيظ عليهم ويقول ذلك العنق : وكلت بثلاثة، وكلت بثلاثة، وكلت بثلاثة، وكلت بمن ادعى مع الله إلهاً آخر، ووكلت بمن لا يؤمن بيوم الحساب، ووكلت بكل جبار عنيد - قال : فينطوي عليهم ويرميهم في غمرات جهنم، ولجهنم جسر أرق من الشعر وأحد من السيف عليه كلاليب وحسك يأخذان من شاء الله، والناس عليه كالبرق وكالطرف وكالريح وكأجاويد الخيل والركاب، والملائكة يقولون : يا رب سلم سلم، فناج مسلَّم ومخدوش مسلَم، ومكور في النار على وجهه » والأحاديث في أهوال يوم القيامة والآثار كثيرة جداً لها موضع آخر، ولهذا قال الله تعالى :﴿ إِنَّ زَلْزَلَةَ الساعة شَيْءٌ عَظِيمٌ ﴾ أي أمر عظيم وخطب جليل، والزلزال هو ما يحصل للنفوس من الرعب والفزع، كما قال تعالى :﴿ هُنَالِكَ ابتلي المؤمنون وَزُلْزِلُواْ زِلْزَالاً شَدِيداً ﴾ [ الأحزاب : ١١ ]، ثم قال تعالى :﴿ يَوْمَ تَرَوْنَهَا ﴾ هذا من باب ضمير الشأن، ولهذا قال مفسراً له :﴿ تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّآ أَرْضَعَتْ ﴾ أي فتشتغل لهول ما ترى عن أحب الناس إليها، والتي هي أشفق عليه تدهش عنه في حال إرضاعها له، ولهذا قال :﴿ كُلُّ مُرْضِعَةٍ ﴾ ولم يقل مرضع، وقال ﴿ عَمَّآ أَرْضَعَتْ ﴾ أي عن رضيعها وفطامه، وقوله ﴿ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا ﴾ أي قبل تمامه لشدة الهول ﴿ وَتَرَى الناس سكارى ﴾ أي من شدة الأمر الذي قد صاروا فيه قد دهشت عقولهم، وغابت أذهانهم فمن رآهم حسب أنهم سكارى ﴿ وَمَا هُم بسكارى ولكن عَذَابَ الله شَدِيدٌ ﴾.