قال مجاهد ﴿ على حَرْفٍ ﴾ على شك، وقال غيره : على طرف، ومنه حرف الجبل أي طرفه، أي دخل في الدين على طرف، فإن وجد ما يحبه استقر وإلا انشمر، عن ابن عباس ﴿ مَن يَعْبُدُ الله على حَرْفٍ ﴾ قال : كان الرجل يقدم المدينة، فإن ولدت امرأته غلاماً ونتجت خيله قال : هذا دين صالح، وإن لم تلد امرأته ولم تنتج خيله قال : هذا دين سوء. وروى ابن أبي حاتم، عن ابن عباس قال : كان ناس من الأعراب يأتون النبي ﷺ فيسلمون، فإذا رجعوا إلى بلادهم، فإن وجدوا عام جدوبة وعام ولاد سوء وعام قحط قالوا : ما في ديننا هذا خير، فأنزل الله على نبيه :﴿ وَمِنَ الناس مَن يَعْبُدُ الله على حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطمأن بِهِ ﴾ الآية. وهكذا ذكر قتادة والضحّاك وابن جريج وغير واحد من السلف في تفسير هذه الآية، وقال عبد الرحمن بن زيد : هو المنافق إن صلحت له دنياه أقام على العبادة، وإن فسدت عليه دنياه وتغيرت انقلب فلا يقيم على العبادة إلا لما صلح في دنياه، فإن أصابته فتنة أو شدة أو اختبار أو ضيق ترك دينه ورجع إلى الكفر، وقال مجاهد في قوله :﴿ انقلب على وَجْهِهِ ﴾ أي ارتد كافراً، وقوله :﴿ خَسِرَ الدنيا والأخرة ﴾ أي فلا هو حصل من الدنيا على شيء، وأما الآخرة فقد كفر بالله العظيم فهو فيها في غاية الشقاء والإهانة، ولهذا قال تعالى :﴿ ذلك هُوَ الخسران المبين ﴾ أي هذه هي خسارة العظيمة والصفقة الخاسرة، وقوله :﴿ يَدْعُو مِن دُونِ الله مَا لاَ يَضُرُّهُ وَمَا لاَ يَنفَعُهُ ﴾ أي من الأصنام والأنداد يستغيث بها ويستنصرها ويسترزقها وهي لا تنفعه ولا تضره ﴿ ذلك هُوَ الضلال البعيد ﴾. وقوله :﴿ يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ ﴾ أي ضرورة في الدنيا قبل الآخرة أقرب من نفعه فيها، وأما في الآخرة فضرره محقق متيقن، وقوله :﴿ لَبِئْسَ المولى وَلَبِئْسَ العشير ﴾ قال مجاهد : يعني الوثن، يعني بئس هذا الذي دعاه من دون الله مولى، يعني ولياً وناصراً، ﴿ وَلَبِئْسَ العشير ﴾ وهو المخالط والمعاشر، واختار ابن جرير أن المراد : لبئس ابن العم والصاحب، ﴿ مَن يَعْبُدُ الله على حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطمأن بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقلب على وَجْهِهِ ﴾ وقول مجاهد : إن المراد به الوثن أولى وأقرب إلى سياق الكلام، والله أعلم.